Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the all-in-one-wp-security-and-firewall domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
ألان فيلمان: الأدب والمعلوماتية / ترجمة: م. أسليـم – محمد أسليـم

ألان فيلمان: الأدب والمعلوماتية / ترجمة: م. أسليـم

1474 views
ألان فيلمان: الأدب والمعلوماتية / ترجمة: م. أسليـم

 

ألان فيلمان: الأدب والمعلوماتية. من الشعر الإلكتروني إلى الروايات التفاعلية / ترجمة: م. أسليـم

«الأدب» تحديدا هو ما «يُقرأ»، أو على الأقل هو ما اعتدنا على «قراءته» حتى الآن في شكل مطبوع في كتب، ولكنه أيضا ما بدأ «يُعرَضُ» منذ مستهل ثمانينيات القرن الماضي على شاشات حواسيب، ومن ثمة فهو أيضا شيء بدأ «يُبدَعُ» و«يُشاهَدُ» الآن على أجهزة العرض البصري للتجهيزات التكنولوجية الجديدة. مع ذلك، وهذا غالبا ما يتم جهله أو تجاهله، فقد شرع الإبداع الأدبي في الاهتمام منذ وقت مبكر جدا باستعمال المعلوماتية وأجهزة الكمبيوتر. ففي عام 1959، أنشأ ريمون كينو وفرانسوا لوليونيه في فرنسا حلقة دراسية قصيرة تحت عنوان «حلقة الأدب التجريبي» سرعان ما تحولت في عام 1960 إلى «الأوليبو OULIPO»، أي «ورشة من أجل الأدب الاحتمالي»، وكانت تودُّ الاهتمام بالموارد التي يمكن أن تنطوي عليها «آلات معالجة المعلومات»(3) الجديدة التي كان يُترَدَّدُ آنذاك في تسميتها بالـ«حواسيب». في غضون ذلك، كان نظمُ أولى الأبيات الشعرية الإلكترونية قد تمَّ تاريخيا باللغة الألمانية في مدينة شتوتغارد بألمانيا على يد ثيو لوتز. أما باللغة الفرنسية فلم يتحقق الأمر نفسه إلا في عام 1964، وذلك في كندا بكيبيك، في مونتريال تحديدا، من لدن مهندس اسمه جان أ. بادو صار بعد ذلك أستاذا للمعلوميات بجامعة مونتريال. أما أولى العروض العمومية لـ «البرمجيات الأدبية Littéraciels» (أي برامج معلوماتية لإبداع أعمال أدبية) المصمَّمَة بالفرنسية فلم تقدَّم إلا في عام 1975، في بروكسيل، ببلجيكا، تحت رعاية الأوليبو، خلال معرض «Europalia». بعد ذلك، في سنة 1986، تمَّ عرضُ أولى محاولات النشر التليماتيكي، في مركز جورج بومبيدو بباريس، خلال معرض حول «المجرَّدات Immatériaux». كان ذلك زمن الرواد وزمن أولى التجارب في هذا الباب.

وقد تطور هذا الوضع خلال الفترة الموالية مع إنشاء مجلتين إلكترونيتين منظمتي النشر، هما alire التي صدرت عام 1989 وKAOS التي صدرت من 1990 إلى 1994. وفي عام 1994 أيضا أطلقت دار النشر الإلكترونية إلياس Ilias سلسلة مولدات نصوص اسمها «توليد Génération»، لتظهر أخيرا أولى تخييلات «النص التشعبي» (على أقراص مرنة أو مدمجة) مثل «حُدود متقيّأة» لجان ماري بيلوكان في عام 1995 و«20% حب زائدة» لفرانسوا كولون في عام 1996. وفي سنة 1989 أصدرت جمعية LAIRE (قراءة، فن، تجديد، بحث وتجريب Lecture, Art, Innovation, Recherche et Expérimentation) أول مجلة فرنسية للشعر الإلكتروني، هي alire التي صار اسمُها فيما بعدُ MOTS-VOIR. وقد كانت alire إلى حدود عام 1997 المجلة الطليعية الوحيدة من نوعها عبر العالم. وفي سنة 1997 نفسها، أنتجت المجلة الفرنسية Doc(k)s بالاشتراك مع مجلة alire أوَّل قرص مُدمَج تحت عنوان «قصائد وبضع رسائل»، كما صدر في هولندة، في التاريخ نفسه تقريبا، قرص آخر مُدمَج على يد مؤلف آخر اسمه باتريك-هنري بيرغود. وفي عام 1994 أيضا، تمَّ نشر أول حكاية تفاعلية أو «خيال تشعبي Hyperfiction»، بعنوان «شذرات حكاية» لجان-ماري لافاي، في قرص مُدمج وُزِّعَ مجانا، وأعادت مجلة alire نشر تلك الحكاية نفسها في عددها الثامن عام 1996.
ولكن التأسيس الفعلي لنوع أدبي جديد، هو «الخيال النصي التشعبي fiction hypertextuelle» الذي يسمى أيضا بـ «الخيال التفاعلي fiction interactive» أو «الرواية التفاعلية roman interactif »، كما يجري استعماله، سيتحقق عبرَ إصدارين على حساب المؤلف. الأول هو «حدود متقيأة» لجان ماري بيلوكان في عام 1995، وصدر في قرص مرن، والثاني هو «20% حب زائدة» لفرنسوا كولون في عام 1996، وصدر في قرص مدمَج. قياسا إلى ما سبق، ظل المسرحُ الفرنسي غائبا عن الساحة مع أنَّ أول «دراما تفاعلية» كانت قد صدرت منذ عام 1997 تحت عنوان «الزمن القذر» من تأليف فرانك ديتور وجاكي شيفو وجيل أرمانيتي.

وإذن فثمة أدب جديد بصدد النشأة، ولكن تسمياته غير مؤكَّدَة. هل هو أدب «إلكتروني» أم «سيبرنطيقي» أم «تكنولوجي» أم «وسائطي» أم «وسائط- تشعبي» أم «ملحق وسائطي panmédiatique»، أم «معلوماتي»؟ تتعدد التسميات والأوصاف التي تعكس الطبيعة الأصيلة والتجديدية لهذه الأشكال الإبداعية التجريبية المعاصرة، وهو تعدد يترجمُ عدم اطمئنان الملاحظين تجاه ظاهرة تبدو غريبة كليا عن المقولات والفئات الأدبية المعروفة. ومع ذلك، فبملازمة هذه التجليات الأولى يتضح أن أشكالا جديدة من الكتابة الوسائطية قد بدأت في الظهور. لم يعد الأدب هو ما يُنشر بالكتب فقط، بل هناك الآن «أدب» ذو طبيعة جديدة لا يمكن اكتشافه واستكشافه والاستمتاع به بدون جهاز حاسوب فضلا عن أنَّ هذا الأدب نفسه لا يمكنه أن يوجَد بدون وسيط معلوماتي. هذه هي المفارقة. ثمَّ، ما هو هذا الإسهام الثوري التي تقدمه التكنولوجيات الجديدة؟ ماذا عن هذا الأدب الناشئ؟ إلى أي حدِّ تنطوي هذه التجارب، من الشعر إلى الرواية، مروروا بالدراما، على نهج أصيل ناجم عن استخدام المعلوميات؟ ماذا يمكن أن نستنتج من مادتها المفضلة، وهي «النصوص»، ومن مقاربتها المفضلة وهي «التفاعل» مع الحاسوب، وأخيرا ماذا يمكن أن نستنتج من إعادة اكتشافها بالخصوص لما بدأ يُطلقُ عليه اصطلاح «القراءة-كتابة écrilecture»؟

1. المادة: النص
تتغير كل العناصر التي يشتغل عليها الإبداعُ الأدبي: المادة و«النص» أو نسيج الكلمات وترتيب أجزاء الخطاب. ما إن يتم إبداعُ «النص» أو نقله على جهاز حاسوب حتى يصبح كيانا مختلفا جديدا، متقلبا متنقلا، وسريع الزوال. وعلى هذه الجوانب الجديدة الفريدة، المتغيرة والمتحركة «للنصوص»، سوف يشتغل المؤلفون شعراء وروائيين، سواء تعلق الأمر بكلمات النص أو بدَّواله أو بدلالاته الرمزية.

لم تعد الكلمات أو عناصر اللغة المكتوبة التي يتألف منها العمل الأدبي، شعرا كان أو رواية، على شاشة الحاسوب مماثلة تماما لما كانت تكون عليه في صفحة الكتاب. فهي تظهر في الشاشة على شكل متتالية من الحروف الطباعية المتحركة التي يستطيع المؤلفون حسب مشيئتهم أن يجعلوها ثابتة كما في النص الورقي أو، على العكس، أن يمنحوها حياة وحركة، وانعدامَ استقرار لا مُتوقَّع. فكتَّابٌ أمثال فرانسوا كولون في عمله «20% حب زائدة» أو جان ماري بيلوكان في عمله حدُود «مُتقيأة» يميلان إلى مُلازمة التقليد في كتاباتهم التخييلية التفاعلية، ومن ثمة فنصوصهم تبقى ثابتة، تظهرُ أو تختفي من مقطع إلى آخر على مدى تلمُّس القراء لسُبل قراءتها. في المقابل، يُفضل شعراءٌ أمثال تيبور باب وكلود ميارد وفريديريك فيلاي أو فيليب بوطز وباتريك هُنري الاشتغالَ بالأحرى على الكلمات، فيرجُّونَها ويعبثون بها، يحولونها ويمسَخونَها إلى أن تصير كيانات غريبة ومُربكة، تُحركُها حياتها الخاصة بها. كما يفضلُ آخرون، أمثال جان بيير بالب في عمله «غواية طانطال» وباتريس زانا في قصيدته «مناظر طبيعية بلا ظلال» أو ماري إتيان في «النزوح من قرية»، مُحاولةَ استعمال الكلمات في أشكال كتابة تُسمَّى «مُولَّدة بالحاسوب»، وتَكون في بعض الأحيان نثرا شعريا على نحو ما يتضحُ في مولدات الحكايات ومُركِّباتها synthétisuers في سلسلة «توليد Génération» الصادرة عن دار إلياس للنشر الإلكتروني.

أما الدَّوال، أي المواد اللغوية الملموسة المستعمَلة، فتمضي من وحداتها الأوَّلية جدا، وهي صورة حرف هجائي أو هجائي رقمي، حتى العرض الطباعي البصري لجملة أو فقرة أو صفحة نص على الشاشة. وهذا النوع هو ما حاوَلُ تيبور باب أو باتريك هنري بيغود استكشافه في إبداعاتهما. وتصبحُ هذه المواد و«العلامات» مصدرا للكثير من التجارب حول التطابقات الرمزية واللغوية والدلالية والفكرية، أو حتى الوجدانية، التي يعمل عليها الكتاب الآن لاستكشاف ما قد يكون مصدرا لهذه المعاني وآثارها، وهذا ما يميل إلى القيام به تيبور باب في عمله «ساعات الحاسوب الثرية» أو فيليب بوطز في قصيدته «قُصاصات مُعدمة». على الكتَّاب أن يكونوا فطنين ويقظين.

والدلالات والمعاني التي تُعطى للعلامات السابقة تصيرُ بدورها موضوعا للتفكير والإبداع. ففي قصيدة «تراتيل للمرأة والحظ» لفيليب بوطز و«قصائد عشق خالد» لجان بيير بالب كما في «20 % حب زيادة» لفرانسوا كولون، يتعلق الأمر باستعمال هذه العناصر التي يُوفرُهَا تدخل المؤلفين والحاسوب في آن لتحويلها إلى عدد من الأدوات والإيحاءات. يتعلق الأمر بتحفيز خيال القراء كي يَحضُرَ في ذاكرتهم ووجدانهم كونٌ متخيل غير مُحدَّد، مُركَّب ومفتوح إلى ما لا نهاية، وغني باللعب الحر لهذه التطابقات الرمزية… وبذلك تتحوَّلُ المواد الأساسية لاشتغال الأدب، وهي ما لا زال يُسمى «نصا». وهي لا تتحول فقط على صعيد تقني عبر تغيير «وضعيتها» أو حالتها، إذ تصير المفردات والعلامات اللغوية أو الكلامية وما يُشكل الدوالَّ والدلالات المتناقضة، يصيرُ كل ذلك طيِّعا وقابلا للانقسام إلى ما لانهاية، إذ تتحول في الواقع إلى رموز ذات طبيعة شعرية جديدة، «matérique»، أي مادية وفكرية وروحية في آن، بالتعبير الجديد الذي ابتكره فيليب كاستلان أحد منشطي المجلة الفرنسية Doc(k)s، في أطروحته الجامعية المناقشة في باريس عام 1997 حول تاريخ الأشكال ومعنى الأبحاث الشعرية المعاصرة. تحصلُ هذه «النصوص» على بُعدٍ وسُمكٍ «مادي فكري» ورمزي جديد، كثيف بهذا القدر أو ذاك، مركَّب بهذا القدر أو ذاك اعتمادا على ما إذا: أ) تمَّ اختزالُ هذه النصوص في بعض الملفوظات أو بعض الجمل، كما نجد في القصائد المتحركة التي نشرتها مجلة alire؛ ب) تكاثرت، على العكس، إلى عدة مئات أو آلاف من الصفحات بنسخ مختلفة في حالة المحكي التفاعلي أو الرواية التوليدية. وبذلك يُحوِّلُ الحاسوبُ جذريا ليس موضوع الأدب فحسب، بل وكذلك أداته المفضلة وهي «النصوص» و«العلامات» و بالتالي طريقة مقاربتها في آن واحد.

II – المقاربة: التفاعـل
تتحوَّلُ العلاقةَ مع المواد المذكورة أعلاه بفعل المقاربة، وهي «التفاعل» بين الحاسوب ومستخدمه بمجرَّد استعمال نظام لمعالجة المعلومات. ليس الحاسوب آلة خاملة، بل هو على العكس أداة إبداع نشطة، لا سيما منذ تزويدها منذ مستهل 1980 بشاشات، إذ ينفذ معالجات، ويعدل النصوص، ويحوِّل الأعمال، ومن ثمة فهو يُمدِّدُ النشاط الإبداعي ولا يعيقه. كما يُدخل «تجديدا»، أي بُعدا جديدا في العمل الإبداعي لم يعرفه الأدب من قبل. وهذا «الابتكار» في مجال الفن والقراءة والبحث والكتابة هو ما قرَّر استكشافَه مؤسسو جمعية L.A.I.R.E في فرنسا، وهم كلود مايارد وتيبور باب وفيليب بوطز وجان ماري دوتيه وفريديريك دُ فيلاي، منذ عام 1989، عندما جعلوا إصدارهم الجديد «مجلة متحركة»، تتألف من «كتابات إلكترونية المصدر» كما يقول عنوانها الفرعي. لذلك، أصبح هذا الابتكار طريقة جديدة لتشغيل وإدارة وتوليد النصوص التي يتم تقديمها باعتبارها أدبية غير مسبوقة، وذلك حسب مستوى المؤلفين والمبدعين المعنيين.
يتحدَّدُ وجودُ هذا الأدب بكيفية مسبقة ومباشرة بتنفيذ الحاسوب واشتغاله، إذ لا يوجد هذا الشعر وهذه الروايات وهذه الدرامات وهذه المتخيَّلات التفاعلية في أي مكان مسبق خارج استعمال الحاسوب، إذ يتم إنشاء كل شيء في الواقع خلال «تنفيذ» برنامج للكتابة الإبداعية يحمل عدة تسميات:
– «برنامج معلوماتي لإنتاج النصوص الأدبية»، وهو الاصطلاح الذي تبناه بول برافورد والجمعية الفرنسية ALAMO؛
– «مُركِّب synthétiseur»، وهذا الاصطلاح إلى جانب Sintex هو من اقتراح مؤلفين برتغاليين أمثال بيدرو باربوصا وأليبيو كافالهيرو؛
– «مولِّد générateur»، وهي التسمية التي يطلقها عليه جان بيير بالب؛
– وأخيرا «النص التشعبي» عند فرانسوا كولون وجان ماري بيللوكان مثلا.
في جميع الحالات، تُصنَعُ «النصوص» في لحظة ظهورها على الشاشة، ومن ثمة يكون الحاسوب هو واسطتها الأساسية. لا يستطيع أي أحد على الإطلاق أن يصل إلى النصوص ما لم يتوفر على المعدات المعلوماتية أو التكنولوجيا اللازمة. وعلى العكس، لا يوجد هذا الأدب في مكان آخر، أيا كان، خارج جهاز الحاسوب الذي لا يحتفظ بالحالات الختامية للأدب نفسه وإنما بمبادئه التأسيسية. وقد وقع نقل جذري في تصور عملية الإبداع الأدبي ذاتها على نحو ما يشرحُ ذلك جيدا الكتيب المرفوق بكل عدد من أعداد مجلة alire منذ عام 1989. وكما هو الحال في الموسيقى، فقد أصبح «التنفيذ» أو «التشغيل» كامنا في وجود هذه الأعمال الأدبية التجديدية.
والسمة الأساسية لهذا الأدب الفريد تصير هي التحريك والدينامية على نحو ما يستطيع الحاسوبُ إنتاجهما أو خلق الانطباع بهما. تعرِّف مجلة الشعر الإلكتروني alire نفسَها بأنها أوَّلا وقبل كل شيء منشور دوري، ويدقِّقُ عنوانها الفرعي بأنها «مصدر متحرك». ينصب التركيز على الزَّخم، على الحياة والحركة، وعلى الطبيعة القصيرة والزائلة لهذه الإبداعات التي لا توجد إلا لحظة ظهورها وعرضها على الشاشة، وهي لحظة هاربة جدا. هكذا يُظهر القرص المدمَج «قصائد وبضعة رسائل» لباتريك-هنري بيرغود، الصادر عام 1997، كيف يُمكن الآن «كتابة» «قصائد متحركة» تتألف من أصوات وأجواء موسيقية وكلمات مسجَّلة وألوان وحروف متحرِّكة.

تُحاولُ عملية توليد نص ما وإنشائه من لا شيء استكشاف هذه الإمكانات إلى أقصى الحدود. ومبدأ هذا الشكل من أشكال الأدب الإلكترونية الذي يسمى «الأدب المولَّد بالحاسوب» هو إبداعُ نصوص فريدة وجديدة في كل مرة. من أمثلتها نص «غياب غير مألوف» لتيبور باب و«سيرة ذاتية أو قصائد حب خالد» لجان بيير بالب، و «قوافي» لبرنار مانييه أو «حكايات جرائم» لكريستوف بيتشاناتز. في نهاية المطاف، وعلى نحو ما حاول أن يقومَ به فليب بوطز، لا يصنعُ المولِّدُ أبدا سوى «قصيدة كي تُقرأ مرة واحدة»، أي «قصيدة» يستحيل أن نقرأها مرتين. في هذا الاتجاه، قد يكون هذا الأدب قد بلغ أحد حدوده القصوى.

مع «التفاعلية» أو «التفاعل» يلاحظُ أنَّ مقاربة الأدب تتحول جذريا. فمن الـ «كتابات متحركة المصدر» إلى الأعمال الخيالية أو الدرامية «التفاعلية» هناك أدب جديد وأعمال جديدة، ودينامية حركية، عابرة هاربة، بعيدة المنال، بصدد النشأة في الشاشات، تنتج إما عن تنفيذ برنامج معلوماتي لإنتاج أعمال أدبية أو عن تحريك نص إلكتروني أو عن توليد الحاسوب لقصيدة شعرية أو قطعة حكاية. بهذا المعنى، يصبح الأدب التفاعلي شيئا آخر وتصير الكتابة، باعتبارها فعله المؤسِّسُ، عملا أو حركة متبادلة حيثُ العلاقات بين المؤلف والنص والقارئ بداخلها آخذة في التغيير.

III – الاكتشاف: القراءة – كتابة
الاكتشاف هو القراءة-كتابة «écrilecture»، أي تداخل ومزج – بل وحتى انصهار – نشاطي «القراءة» و«الكتابة» في فعل واحد. هذا هو الكشف الرئيسي الذي أظهرته هذه الأشكال التجديدية للإبداع الأدبي. الظاهرة حديثة، وأولى أشكال الوعي بها ومحاولات صياغتها تمت في البرتغال، في بداية 1970، مع بيدرو باربوصا ونُشرتْ لاحقا في كتاب صدر عام 1996، في لشبونة، عن منشورات كوزموس تحت عنوان: «الأدب السيبرنطيقي». بعد ذلك قد قدم تلك الملاحظات أيضا باحثون أمثال أورلاندو كارينيو رودريغيس-ماريبونة في إسبانيا، عام 1991، في أطروحة له حول«تكنولوجيات الإعلام الجديدة والإبداع الأدبي»، ناقشها في جامعة «Computense». بمدريد. وقد جاءت تأكيدات أخرى وشهادات، منذ بداية أعوام التسعينيات، من مؤلفين مختلفين وشعراء وحتى من أوائل النقاد، حول هذا التحول في تصور ما نسميه بـ ׂ«الأدب»، لا سيما في مكوناته الأساسية الثلاثة، وهي «القراءة» و«الكتابة» ثم «إعادة الكتابة».

إذا كانت القراءة هي هذا الفعل الذي نكتشف به نصا ما ونفهمه ونؤوله، فإنه لم يعد بالإمكان أن نتصورها بالطريقة نفسها. صحيح أنَّ الحاسوب هو جهاز للقراءة، ولكنه يتوفر على شاشة «للعرض البصري»، ومن ثمة فالنص الذي يُعرض فيها «يُبصَرُ» أوَّلا باعتباره «صورة» قبل أن «يُقرأ» بوصفه «نصا». وعلى هذا الغموض وازدواجية مظهر النصوص الجديد يلعبُ شعراء مثل فيليب بوطز وباتريك هنري بيرغود، وروائيون أوائل مثل فرانسوا كولون. فهم يصممون أوَّلا «نصوصا لتُبصَر «textes à voir، وبعد ذلك «نصوصا لتُقرأ «textes à lire، والاصطلاحان لفيليب بوطز. من أمثلتها قصيدة «موجات البحر [التي] ترقص على نشيد الأحجار» لبيير بيرغود، و«إلى شظايا مصروعة» لفيليب بوطز. وفي نهاية المطاف، كما يلاحظُ فيليب كاستلان بصدد مجلة Doc(k)s، لم يعد «النص» المقروء هو المصدر الوحيد للوقع الشعري، بل على العكس ما يهيمنُ أو يحظى بالأولوية هو «صورته» أو الصورة التي يندرجُ فيها.

وباعتبار الكتابة فعل تحرير جملة أو فقرة أو نص على الشاشة وتدوينها، فهي ستستخدمُ بدورها موارد هذه الشاشة بإدخال آثار الانبجاس والتضاعف والانفجار والصمت والتبعثر والدوران على نحو محدَّد أو عشوائي لا يستطيع المؤلف أن يتوقع طبيعته مُسبقا. تتحول سيرورة الكتابة نحو النبع إذ يُحدِّدُ المؤلف قواعد الكتابة التي سوف يقوم الحاسوب بتنفيذها، وبذلك لم يعد المؤلف يكتب النص النهائي الذي يُعرَض على الشاشة أو المطبوع الذي سيقرأه القارئ، بل هذا القارئ على العكس هو من سيبني المسار القراءة الذي سيجتازه. وهذه السيرورة يمكن أن تصبح موضوع تصوير رمزي، كما الحال في نص «اعتداء» لجان ماري دوتي، حيثُ تُعرضُ الكلمات المكونة للنص على الشاشة داخل ألواح مُربعة. وبظهور طيف القارئ (الخيالي بالتأكيد) على هذا اللوح النصي، ومُشاهدته من أعلى، وتوالي حركاته إلى الأمام وإلى الوراء، إلى اليمين أو اليسار، اعتمادا على حركة القارئ الحقيقي وتدخلاته عبر أزرار لوحة المفاتيح، يتغيَّرُ ترتيب ظهور الكلمات. في هذا المثال، تمَّ تصميم التفاعلية باعتبارها استنساخا لفعل للحياة اليومية حقيقي ملموس، وتنقلات القارئ الفاعل نفسُها هي التي تحدد بناء النص.
إذا كانت إعادة الكتابة هي فعل مراجعة نص ما لتعديله، إما باستبدال كلمات أو بإدراج مقاطع جمل أو بتعديل قواعد الكتابة السابقة نزولا عند إرادة القارئ وتلبية لحرية تصرفه، فإنها تصبح جانبا تكميليا وربما أساسيا للقراءة والكتابة. يمكن للقارئ أن يحصل على استقلال معين للإبداع، ولأجل ذلك يكفي أن يقبل الكاتبُ تفويض جزء من سلطة إبداعه للنص النهائي. وبذلك تصير الكتابة «تنويعية»، كما يقول بيدرو باربوصا، إذ يكتفي المؤلف بتحديد مَا يُعادل تصميما، وتهييء إمكانية أن يزيد القارئ «تنويعات» على «موضوعة» عامة، أي سائر التنويعات أو النسخ الممكنة للـ «نص» الأوَّلي الواحد الذي يمكن في بعض الأحيان أن تغيِّرَ القراءة نسيجه نفسه، وبذلك لا يكف النص عن التحوّل. إنه أيضا تصور مختلف للمتخيل بصدد التشكل، على نحو ما تؤكده هذه الأبيات التي أنتجها الحاسوب بتدخل من قارئ، اسمه أرنو جيلو، انطلاقا من تشغيل قصيدة «أسئلة حب وشعر» لهنري دلوي وجان بيير بالب:
«أتخلل الحلمَ؛ ينفتح نصف السَّماء
«حلمٌ يَحرقُ: المطر المثلَّج
«أزرقٌ على الصفحة البيضاء
«هكذا وجدتكم على الدَّوام
«خوَّافين مما قد
«لا يعرف الجنون. كنتم تحبون
«كثيرا؛ تمَّ العثور على الجنون:
«وكان الجنونُ حاجة
«طالما أحببتم. عشتُم
«في عالم متغطرس، حيث
«كانت الحياةُ آلـة»

لقد كان «إبداعُ» هذه القصيدة نتيجة عمل مزدوج قام به مؤلف أصلي (بل وحتى اثنان، هما هنري دلوي، وجان بيير بالب)، وقارئ محظوظ (أرنو جيلو)، بواسطة برنامج وحاسوب، ومن ثمة فحبُّ الشعر فيها يجرُّ «الكتابة-قراءة » نحو عالم غريب يثير العديد من الأسئلة، ليس أقلها ما يتعلق بهذا المدح المتناقض الذي يتغنى به الحاسوب تجاه الغضب والإلهام الشعريين! يُمكن أن نسوق أمثلة أخرى عديدة، ولكن المثال السابق كاف لإدراك كيف حوَّل «التفاعل» فعل الإبداع إلى فعل «إبداع مشترك»، أي إلى إبداع متقاسم، جماعي ومركَّب.

ثمة ثورة فكرية وجمالية وأدبية بصدد التحقق. فماهيم «النص» و«المؤلف» و«القارئ» التي كانَ يُعتقَدُ أنها ثابتة هي الآن تتصدَّع وتتقطَّع. لا يهم كثيرا أن تكون طبيعة المحاولات التي سعينا إلى تتبعها لازالت غير مؤكدة أو غير مكتملة، فما يبدو من خلالها هو أن مفهوم الأدب نفسه والأفعال المؤسِّسَة له هما الآن بصدد التحول في نهاية القرن العشرين التي نعيش. وأفعال القراءة والكتابة وإعادة الكتابة التي كان يُنظر إليها إلى وقت حديث بأنها أنشطة منفصلة هي الآن تميلُ إلى الانصهار في فعل واحد أو عملية مثالية واحدة هي «الكتابة-قراءة» التي يبدو أنَّ ما يُسمَّى بـ «الأدب» يجد فيها اكتماله. هنا يكمن أول إسهام لتلك التجارب الإبداعية مهما كانت متواضعة.

إذا كان الأدب حقا هو ما «يُقرأ» فإن هذه التجارب الأولى تظهر أن المعلوماتية توفر للأدباء ليس طريقة واحدة بل طرقا للإبداع عديدة وأصيلة. وهو ما حاولت مجلات مثل alire أو KAOS أن تعرِّفَ به منذ عام 1989 في الشعر مع شعراء مثل باتريك هنري يبرغود وكلود ميلارد وجان ماري دوتي وتيبور باب أو فيليب بوطز، وما اقترحته أقراصٌ مُدمجة، مثل «قصائد وبضع رسائل»، أو ما حاولت توضيحه مجلات مثل Doc(k)s وalire. هو أيضا ما حاولت سلسلة «توليد» الصادرة عن دار النشر إلياس أن تكشف عنه في مجال توليد النصوص منذ 1994 بقيادة جان بيير بالب (ومدير هذه الدار للنشر إيفان غافريلوف). أخيرا، هو ما حاولت أولى الروايات التفاعلية استكشافه منذ 1994، سواء منها «مقاطع من قصة حب» لجان ماري لافاي و«20 % حب زيادة» لفرانسوا كولون أو «حدود متقيَّأة» لجان ماري بيلوكان، وذلك في انتظار ما قد تأتي به أيضا في المستقبل من أعمال فريدة دراماتٌ تفاعلية مماثلة لـ «الزمن القذر» لفرانك ديفور وجاكي سيفو وجيل أرمانيتي. لا تعدو هذه المحاولات مجرَّد تباشير، ومن المحتمل أن يكون أدب الغد الإلكتروني على الأقل أكثر غنى وتنوعا من أدب الأمس الورقي.

تكمن هذه الأصالة بالخصوص في الطريقة التي يُراجَعُ بها «النص» أو المادة المفضلة للإبداع الأدبي، وهي ما يُسمى بـ «التفاعل» أو «التفاعلية»، بمعنى «الحوار» الذي يقوم بين الحاسوب والمستخدِم أو «القارئ» لدى محاولة استخدام الكمبيوتر لأغراض إبداعية. هنا ربما يقعُ اكتشاف رئيسي تحقق على مرحلتين: الأولى على صعيد نظري مغرق في التجريد، بدأت منذ مستهل أعوام 1960 مع التأمل التأسيسي لجماعة «الأوليبو»، والثانية شديدة الوضوح، تجلت منذ بداية أعوام 1990 مع العديد من البحوث التي تركز أغلبها حول مجلة alire. في هاتين المحطتين الطليعيتين، تكوَّنَ وعيٌ جذري وهو أنَّ «الأدب» لم يعد هو «الأدبُ» تماما، إذ جرت قطيعة، وما كان في السابق يُنظر إليه باعتباره «أدبا» هو يميلُ الآن إلى شرعنة أشكال إبداعية جديدة تجريبية «إلكترونية» لا زال يتعين تحديدُ وضعها الاعتباري. هذا الأدب الناشئ في الواقع هو أساسا رمزي، افتراضي واحتمالي. صار «الأدب» عند هؤلاء المؤلفين يعني سيرورة دينامية، وعمل إعادة ابتكار، تتحقق وعودُه عندما يُعيد القارئ كتابته، ولأنه يقبل إعادة الكتابة. ومعنى هذا أنَّ «القارئ» لم يعد قارئا بالمعنى التقليدي للكلمة، بل صار «كاتبا-قارئا»، أي شخصا يقرأ كي يكتب ويعيد كتابة ما يقرأ ليعيد قراءة نفسه في عملية إبداعية لا نهاية لها لأن «المؤلِّف» قبِلَ أن يفوِّض له جزءا من قدرته الإبداعية بفضل الحاسوب. كل شيء يتحول إذن في هذا النهج الجديد. وبهذا الفعل للـ «الكتابة-قراءة» أو هذا الفعل المعيد للتأسيس يُحرز الأدب على بُعد إضافي، وتنكشف تدريجيا ثرواته وطاقاته التي كان قد استشعرها شعراء أمثال ستيفان مالارميه أو ريمون كينو.

فما توقعه وجربه واكتشفه في أوروبا، منذ عام 1959، روادٌ أمثال ريمون كينو وفرانسوا لوليوني في فرنسا وإيطالو كالفينو وأمبرتو إيكو في إيطاليا وبيدرو باربوصا وأبيليو كافالهيرو في البرتغال وهاري ماتيوس أو ألان أيكبورن في أنجلترا، ما توقعه كل أولئك يُبشر الآن بما يمكن أن تصيرَ إليه في الغد، في القرن XXI، هذه الكتابة الجديدة أو الأدب «الوسائط تشعبي» أو«الواجهة الوسائطية». وأمثلة الشعر الإلكتروني التي أشرنا إليها، وأولى المحكيات أو الروايات التفاعلية التي ذكرناها، وأولى محاولات كتابة درامات تفاعلية التي أوردناها، كلها هي نوع من فجر تلك الكتابة ووعدُها، بل وفي بعض منها هي أيضا طرق مسدودة مسبقا. وزخمها سيندفعُ حقا يومَ سيجد هذا النوع من الأدب الذي لازال هامشيا ليس مؤلفيه فحسب، بل وكذلك ناشريه وقرائه والمعجبين به ونقاده.

ألان فيلمان
أستاذ الأدب المقارن
مدير مركز الدراسات والأبحاث حول النصوص الإلكترونية الأدبية
جامعة أرتواز (فرنسا)
محاضرة ألقيت أمام نادي لوبين في البرازيل، بريو دي جانيرو، يوم الجمعة 21 مارس 1999، وصدر في مجلة EPI، ع. 94، يونيو 1999.

مصدر النص:

http://www.epi.asso.fr/revue/94/b94p051.htm

ترجمـة: محمد أسليـم

بيبليوغرافيا

. Vuillemin (Alain) : Informatique et Littérature (1950-1990), Genève-Paris, Slatkine-Champion, 1990.
. Le Lionnais (François) : « La LIPO (Le premier manifeste) », in Oulipo : La Littérature potentielle, Paris, Gallimard, 1973, p. 17.
. Alire, revue animée d’écrits de source électronique, réalisée par LAIRE, éditée par Mots-Voir, 27 allée des Coquelicots, 59650 Villeneuve d’Ascq, France. (Une disquette de démonstration est proposée dans la Bourse EPI sous la référence 7711.LE en page 227.)
. KAOS diffusée de 1990 à 1994 par le groupe « Kaos » (société pour le traitement avancé du langage) et reprise en partie depuis 1994 dans le cadre de la collection «Génération» de la maison d’édition llias, 113 rue Anatole France, 92300 Levallois-Perret, France.
. Pelloquin (Jean-Marie) : Frontières Vomies, roman interactif sur ordinateur, Paris, JMP formation (2 bis rue Dupont de l’Eure, 75020 Paris, France), 1995, une disquette.
. Coulon (François) : 20 % d’amour en plus, roman, Paris, Kaona (Ici et ailleurs, 4 allée des Argelas, 13790 Châteauneuf-le-Rouge, France), 1996, un cédérom.
. Lafaille (Jean-Marie) : « Fragments d’une histoire », in alire n° 8, novembre 1994.
. Dufour (Franck), Chiffot (Jacky) et Armanetti (Gilles) : Sale Temps, drame interactif, Paris, Microfollie’s (16/24 rue Cabanis – 2 villa de Lourcines, 75014 Paris, France), 1997, un cédérom.
. Balpe (Jean-Pierre) : La Tentation de Tantale, Paris, Ilias (collection « Génération»), 1994, une disquette.
. Zana (Patrice) : Paysages sans ombre, Paris, Ilias (collection « Génération »), 1994, une disquette.
. Étienne (Marie) : Descendue d’un village, Paris, Ilias (collection « Génération »), 1994, une disquette.
. Papp (Tibor) : “Les très riches heures de l’ordinateur”, in alire n° 1, mars 1989.
. Bootz (Philippe) : À bribes abattues in KAOS, n° 1, 1991, repris dans alire n°9, juin 1995.
. Bootz (Philippe) : Hymne à la femme et au hasard, in alire n° 7, avril 1994.
. Balpe (Jean-Pierre) : Stances d’amour éternel, in KAOS n° 1, 1991.
. Castellin (Philippe) : Doc(k)s : mode d’emploi. Histoire, formes et sens des poésies expérimentales contemporaines, Paris, Université de Paris-Sorbonne (Paris IV), 1997.
. Balpe (Jean-Pierre) : Autobiographie, in KAOS n°3, 1993.
. Magné (Bernard) : Comptines, in KAOS n°2, 1992.
. Petchanaz (Christophe) : Crimes, in KAOS n°2, 1992.
. Bootz (Philippe) : Passages, in A:Littérature?, Villeneuve d’Ascq, CIRCAV-GERICO-MOTS-VOIR, 1994.
. Barbosa (Pedro) : A Ciberliteratura Criaçâo literaria e Computador, Lisboa, Ed. Cosmos, 1996.
. Carreno Rodriguez-Maribona (Orlando) : Nuevas Tecnologias de la informacion y creacion literaria, Madrid, Universidad Complutense, 1991.
. Burgaud (Patrick-Henri) : Les Vagues de la mer dansent au chant des pierres, in alire n°8, novembre 1994.
. Dutey (Jean-Marie) : Voies de Fait, in alire n°2, décembre 1989.
. Deluy (Henri) et Balpe (Jean-Pierre): Questions d’amour et de poésie, in KAOS n°3, 1993.
. Oulipo : La Littérature potentielle, Paris, Gallimard, 1973, et Atlas de Littérature potentielle. Paris, Gallimard, 1981.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الإثنين 10-09-2012 06:36 مساء

Breaking News