Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the amnews domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
محمد أسليـم العارف الذى يعطى وينكر معرفته تواضعاً / حوار: خالد محمد غازي – محمد أسليـم

محمد أسليـم العارف الذى يعطى وينكر معرفته تواضعاً / حوار: خالد محمد غازي

2040 مشاهدة
محمد أسليـم العارف الذى يعطى وينكر معرفته تواضعاً / حوار: خالد محمد غازي

مكناس : خالد محمد غازي
مـــن : وكالة الصحافة العربية

الأديب المغربى >محمد أسليم< باحث وشاعر وكاتب لا يدّعى المعرفة ، على الرغم مما يعطينا من علم كأنما يطالبنا أن ننتزع منه ما نريد متى نشاء، وهو شخصية تجمع بين اهتمامات قل أن تتوافر فى عقل واحد، فهو ينفى أنه كاتب ولكنه فقط يحمل تصوراً لا شعورياً عن الكتابة، ويرجع ذلك إلى تبعثر الاهتمامات وتشعبها، حيث يعتقد بضرورة التمييز بين المترجم والمتخصص، وبين الباحث والمترجم من جانب آخر، ويرى أن المترجم المتخصص مهمته النقل من لغة إلى لغة ما يجعله لا يشتغل بموضوعه الاستفادة مما يترجمه، أما الباحث المترجم فلابد أن تدخل المادة المترجمة ضمن اهتماماته، وغير ذلك لا ضرورة ولا معنى لقيامه بعملية الترجمة حيث لا ينحصر دوره فى التوسط بين قارئ ومؤلف، ويرى >أسليم< حتمية النظر للممارسات السحربة بوصفها لغة رمزية يتظاهر بها الإنسان من خلال ظروف شديدة الخصوصية لا تفسير لها•
(وكالة الصحافة العربية) تدرك أن الحوار مع المغربى >محمد أسليم< يعنى الحيرة والقلق، حيث لا ندرى من أين نبدأ، وإلى أين ننتهى، وإذا ما شرعنا فى البداية فثمة مشكلة أخرى تطالعنا، حيث يمثل محيطاً لا نرى نهاياته، وعليه لن نعير دون الغرق فى بحر تعدد اهتماماته، ولكن على أية حال لا مهرب من أن تكون البداية منطلقة من تلك الاهتمامات المتعددة ما بين الترجمة والبحث والسرد•

– كيف تقيم جهودك فى طرح أعمالك وحجم عطائك؟
ففي مجال السرد هناك أعمال نشرتها خلال عامى 1996 و1997، وأظن أن عمرها أطول مما يحدده تاريخ صدورها على شكل كتب؛ فهناك من امتدت كتابته أكثر من اثنى عشر عاماً مثل كتاب >الفقدان<، و>حديث الجثة< الذي امتدت كتابته ومراجعته من من 1987 حتى عام 1996، أى حوالى تسع سنوات. وأظن أن إيقاعى كان بطيئاً مما جعلنى أتّحسر وأندم على الكتب التى فاتنى تأليفها. فى المقابل، لا يمكنني اعتبار أنى أملك ما أترجمه من الأعمال لأنها فى الحقيقة ملك لأصحابها. رغم أن الترجمة عملية شديدة التعقيد ولا تقل تعقيداً عن البحث نفسه، فإنها تبقى أسهل من الإنتاج الفكرى. من هذا المنطلق تبقى الكتب التي نشرتها قليلة جداً، ويمكن أن يكون عدم توفر ظروف النشر الملائمة حالت دون إصدار عدد من الكتب سنوياً•

– ألم تلاحظ أن هناك شيئاً ما فيه من التحدى وامتلاك مشروع لغوى خاص بك يجعل لك شيئاً من التميز؟
لا بالعكس، فأنا لا أفكر ولا أنوى الالتزام بخط أو بأسلوب معين خاصة فى نصوصى القادمة. فأنا أكره التسلط ولا أنوى انتهاج هذا النهج من الأسلوب ولا أريد أن ألزم به أحداً مطلقاً•

– هل تحس بنوع من المعاناة في الكتابة؟
داخل مساحات الليل الشاسعة تستحوذ علىّ مشاعر متعارضة إزاء الآخرين والإشفاق عليهم وفى الوقت نفسه أحس بنوع من التفوق وإحراز سبق عليهم؛ فهم يكونوا غارقين فى النوم فيما أكون يقظانا وبكامل إرادتى. ولكن هذا التفوق لا يتم دون مقابل يتمثل في تبذير طاقة الصحة والجسد، عبر السهر وتناول منبهات السجائر والقهوة السوداء. من هنا أعتبر أن الكتابة تقتات من الجسد.
إن لحظة الكتابة، فى تقديرى، ليست مثل كل اللحظات؛ فهى تعبر عن مرحلة انتقال حقيقى إلى حالة مختلفة.. كأنك أمام شريط سينمائى تشاهد فيه كل حركات الناس، وعند الكتابة تخرج بخليط من الأحاسيس والأفكار داخل النص الذى تكتبه، ربما يكون موقفاً ساخراً عنيفاً متهكماً أو حزيناً ومنكسراً. وهذا ما يمكن تسميته بموضع الكتابة. •• أما القهوة والسجائر فتمنحانى القوة على التركيز المناعة ضد الانفعال، ومن ثمة تكون كتابة النص ضرباً من محاولة القبض على السراب وخيبة مريرة ولكنها تعوض بشبه مكافأة من جانيين مبهج وخطير في وقت واحد، أما الجانب الممتع فيتمثل فى كون لحظة الكتابة قد تأتى بما يتعذر الحصول عليه في مكان آخر•

– بماذا ساهمت تجربتك مع الدكتوراه فى مؤلفاتك بعيداً عن الترجمة؟
إن التأليف عندى يتم بشكل بطئ جداً. والمعروف أن المؤلف لا يكتب دفعة واحدة، وهذا يتم على فترات متقطعة. وعملية الاهتمام بالترجمة بدلاً من النصوص الإبداعية لا يحكمها إلا هذا العنصر، ولذلك يمكن النظر لعملية التأليف من منظورين: الأول أن يطلق كلمة مؤلف على العمل الذي اكتملت كتابته بغض النظر عن صدوره أو عدم صدوره إلى حقل التداول بين القراء، والثانى أن يطلق النعت نفسه على العمل الذى ينتهى إلى القراء•
اهتمامك بالبحث فى مجالات السحر يؤكد أن خطواتك تمهد للتنقيب فيها مجدداً ••
أغلب الباحثين يحجمون عن ارتياد هذا العالم وحسب علمى لم يتناول هذا الموضوع إلا عملان جامعيان اثنان، هما كتاب >التطيب والسحر< لنادية بلحاج، وتم نشره، وعمل «العرافة» لفاطمة أميتي، ولم يتم نشره، ثم كتابان آخران هما >الطب والسحر فى المغرب< للدكتور أخميس، ثم >كلمات المشعوذ< لعمر منير، وبضعة بحوث جامعية لم تجد طريقها للنشر•
وحقيقة تعانى الممارسات السحرية فى المغرب والعالم العربى عموماً من رقابة مزدوجة، رقابة الحداثة التى تختزلها إلى مظاهر للتخلف العقلى والاجتماعى، ورقابة الإسلام التى تختزل الممارسات ذاتها إلى ردة وكفر وهذا معطى ثابت، ولكن ما يدعو للاستغراب هو ملاحظة هذه المفارقة القائمة بين الممارسة الاجتماعية والخطاب العلمى بشأن الموضوع، فحيثما أفلح العامة أخفقت النخبة الباحثة ذلك أن الناس العاديين البسطاء تدبروا أمر التوفيق بين المعتقدات الوثنية والإسلامية بين الرغبة والعقل لشرعية السحر وممارسته بما يمد الباحث بكثير من المعطيات الميدانية القابلة للجمع والتحليل والتأويل، وقريباً سأصدر كتاباً تحت عنوان >هوامش فى السحر< وآخر مترجماً تحت عنوان >اللغة والسحر< وسأصدر فى السنة المقبلة ثلاثة كبت فى المجال نفسه•

– لماذا تنكر وصفك بأنك كاتب؟
لا أظن أنى كاتب لأن هذه الصفة قد لا يستحقها إلا الذين يجلسون يومياً للانصات إلى أنفسهم لنقل ما يعتمل بداخلهم إلى الاخرين غير ما يدعى بـنصوص الكتابة< وهو ما لا أفعله، فضلاً عن أن إنتاجهم يكون من الغزارة وسعة التداول بحيث يمكنهم احتراف الكتابة. وهذا الشرط الثانى ينتفى فى حل من يكتب فى المغرب حالياً لأسباب متشبعة تتعلق بقطاع النشر وغياب قاعدة عريضة من القراء لانتشار الأمية وغياب تقليد القراءة، خاصة أن المغرب مازال فى طور التحول من المشافهة إلى الكتابة، وبهذا المعنى أكون لم أحقق التطلع الذى يمكن اعتباره فى نهاية المطاف رغبة لا شعورية فى التماشى مع الوضع الاعتبارى للكاتب كما رسخته فى ذهنى الكتب المدرسية والصور المتخيلة من الكتاب المعروفين•
الصورة المتخيلة

– ما هو الفارق بين الصورة المتخيلة للوضع الاعتبارى للكاتب وما يفترض أن يكون؟
جربت المحاولات الأولى للكتابة عام 1975 ولكن ما كتبته فى هذا التاريخ لم ينشر لأنه لا يستحق النشر، ولكن أول نص حقيقى أحرز على نوع من الرضا الشخصى كان نص >إشراق التبعثر< من مذكرات شيروفرينى، كتب فى عام 1985 بمدينة الرباط، ونشر أواخر السنة نفسها وكانت أول المطلعين عليه هى ابنة الكاتب الأمريكى الزنجى >رتشارد رايت< التى أقامت معي بالمدينة نفسها فترة من الزمن قبل أن نفترق نهائياً، ونال إعجابها بحيث ألحت على ضرورة نشره مع أنها كانت تتلقى أفكاراً مترجمة إلى الفرنسية لا غير وكنت كلما زارنى صديق أطلعته عليه حتى رأى النور ضمن أحد الملاحق الثقافية لجريدة الاتحاد الاشتراكي، ومن هنا كانت عملية الانطلاق في عالم الكتابة والنشر•

– صف لنا لحظة الكتابة عندك •• والحالة المزاجية والدوافع القوية للإبداع؟
لحظة الكتابة ليست مثل سائر اللحظات وأعتبرها حالة انتقال إلى حالة تالية تنكفئ فيها الذات على واقع المجتمع، تنقل حيات الناس ونشاطهم ومواقعهم عن بعد، وهو موقع بقدر ما يتيح للذات أن تترك مساحة بينها وبين نفسها يتيح للكتابة أن تتحول إلى شبه مصفاة تصفى الناس والسلوكيات والضوابط، ومن ثمة يأتي النص خليطاً من الأحاسيس والأفكار•
وداخل غرفة العمل تبعثر وفوضى وموسيقى يتحكم فى أنغامها المزاج وألوان الخواطر والليل بحيث يسهل الاختلاء بالنفس بعيداً عن الضوضاء والضجيج. وبمقدار التوغل داخل مساحة الليل الشاسعة تستحوذ على مشاعر متعارضة إزاء الآخرين مثل الاشفاق عليهم وأيضاً الإحساس بنوع من التفوق وإحراز سبق عليهم•

– وكيف ترى نفسك أو تصفها وأنت فى صراع دائم مع الزمن حتى تكتب فى الجو الذى تريده؟
هناك فعلاً أفقان متعارضان، وضمنهما كتبت نصوصا أو انكتبت بالأحرى، قسم منها حاول استنطاق الموت والجنون، وقسم آخر نازل مؤسسات وأشخاصاً كانوا مصدر قلق أو إساءة. وإيقاع كتابة كل منهما وزمنه لا يخضع للمشيئة ولذلك أحياناً يستغرق كتابة النص الواحد زمناً طويلاً، يصل أحياناً إلى عام كامل مجزءاً على شكل جلسات مبعثرة على مدار السنة؛ تكتب مقاطع ذات ليلة ثم تنحى جانباً، وفى ليلة أخرى تبعد عن سابقتها بأسابيع أو أشهر تخرج المقاطع المكتوبة فتضيف إليها أخرى أو تدخل عليها تعديلات كى ننحى ثانية، وهكذا… فلا يحسم الخلاف فى أمر النشر إلا بعد أن يحصل نوع من التراضي بين كافة الحالات المزاجية والخواطر المتضاربة والرغبات والاستبهامات المتنازعة على مدار عدة جلسات. غير أن هذا التراضي لا يكون نهائياً دائما، ربما هو مجرد ذريعة تبرر النشر بدليل أن جميع نصوص >حديث الجنة< و>سفر المأثورات< وكتاب >الفقدان< سبق نشرها فى الملحق الثقافى لجريدة الاتحاد الاشتراكى، لكنها خضعت لتعديلات كانت كبيرة أحياناً، ولذلك أعيد نشرها على شكل كتب. وبذلك يمكن القول إن النص النهائى لا وجود له•

– نعود إلى موضوع السحر، حيث يقال إن بالمغرب سحرة يزاولون عملهم جهاراً وفيهم من يشارك بهم بالبنان ويمكن الحصول على أرقام هواتفهم •• هل هذا صحيح؟
أكيد، ولكن لا أحد منهم يقول إننى ساحر، كلهم يقولون >نزيل السحر أو نعالج المرض أو نقرأ الفأل أونزاول علم الفلك<. والواقع أن بالمغرب اليوم فئتين: فئة لازالت تعمل بالطريقة التقليدية لجلب الزبائن والزوار، وطريقة الدعاية من فم لأذن (على حد تعبير مارسيل موس)، وفئة خطت خطوة وصارت تسخر وسائل الإعلام العصرية، حيث ينشر أصحابها إعلانات إشهارية فى نوع معين من الصحف. وإذا كان من السهل الوصول إلى هذه الفئة التى يعمد فيها أصحابها إلى نشر عناوين سكناهم وأرقام هواتفهم، فإن بلوغ الفئة الأولى، على العكس، يتطلب استعلاماً لدى الزبناء، أي لدى من اجتازوا تجربة السحر أو هى عندهم بصدد الاجتياز•

– يبدو أن موضوع الأرواح وأثرها فى تكوين السحر العربى موضوع هام، لكن لم يسبق التطرق إليه ربما لقلة المصادر والمراجع•
لو أتيحت لى اليوم فرصة العودة للاشتغال فى هذا الموضوع لتناولت موضوع >الممارسات السحرية عبر الإنترنت< إذ ثمة عدد كبير من المواقع المتخصصة فى الموضوع، والتى تقدم خدماتها عبر هذه الوسيلة الجديدة للمعرفة والتواصل. هناك أيضاً موضوع مهم، حسب ما أظن، سيكون مفيداً بدون شك، ويتمثل فى المقارنة بين الوضع الاعتبارى للسحر بين ديانتى المسيحية والإسلامية؛ فلكلتاهما ديانة توحيدية ظهرت فى سياق وثنى متعدد الآلهة، تعرف فيه الممارسات السحرية انتشاراً واسعاً، وكلتاهما ألقت على السحر بالتحريم، لكن بينما عرف السياق المسيحى ظاهرة لا نظير لها فى تاريخ البشرية، تتمثل فى انتشار محاكم التفتيش فى مجموع أنحاء أوروبا، على امتداد ثلاثة قرون، حيث تم استنطاق وتعذيب وإحراق عشرات، بل وربما مئات الآلاف من الساحرات المزعومات، بخلاف ذلك لم يشهد المجال الإسلامى ظاهرة مماثلة. لماذا تحرِّمُ الديانات التوحيدية السحر؟ كيف تُفسِّر اختلاف امتدادات الموقف الدينى من السحر فى الحضارتين: الإسلامية والمسيحية؟ كيف نقرأ واقع السحر فى السياقين على ضوء خلفية التحريم المشتركة بينهما؟
السحر بين المسيحية والإسلام

– موضوع السحر بين المسيحية والإسلام موضوع جيد ومتميز، لكن تبرز العديد من الاستفهامات. أولها فى شأن المراجع والثانى فى كيفية معالجة المسيحية لحالات السحر التى تحصل؟ هل تكون بقراءات مقاطع من الكتاب المقدس أو نحو ذلك؟
لتحديد مفهوم السحر ومكانة الساحر فى المجتمعات ما قبل الديانات التوحيدية، يمكن استشارة كل ما يمس تاريخ الشرق القديم، وعلى رأسه موسوعة ول ديورانت «قصة الحضارة» المتوفرة فى موقع الورَّاق، وتكميله بالدراسات التى أنجزت حديثاً حول ما يسمى بالمجتمعات البدائية، وهى غريزة باللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ مؤلفات فريزر ومالينوفسكى وإيفانس برتشارد وميرسيا إلياد، حالة الإسلام لا تطرح أى مشكلة مادامت الآيات والأحاديث والتخريجات الفقهية كثيرة جداً•
وفى حالة المسيحية يمكن استخلاص موقفها من السحر من خلال قراءة الكتاب المقدس الذى ينزل مجاناً على شكل ملفات وورد 2000 من أحد مواقع الإنترنت. والحصول على نسخة الكترونية من الكتاب المذكور يُتيحُ ربحَ الكثير من الوقت بفضل توفير الكتاب الإلكترونى دعامات قراءة للقارئ لا يوفرها له الكتاب الورقى، كالبحث عن كلمة معينة داخل النص•• إلخ•
وحول امتدادات الموقف المسيحى من السحر، المتمثلة بالخصوص فى ظاهرة محاكم التفتيش التى أفضت إلى إحراق مئات الالاف من الساحرات المزعومات، فإن هذا الباب قد أشبع بحثاً فى اللغة الفرنسية، وإذن الإنجليزية بالتأكيد•
أخيراً حول الوضع الميدانى، سواء العربى الإسلامى أو المسيحى، فيمكن الاعتماد فى حالة المسيحية، وفي فرنسا الراهنة بالخصوص، على دراسات جان فافرى سعادة ودومينيك كامو، كما يمكن الاعتماد، فى الحالة العربية الإسلامية، على الدراسات الميدانية التى أنجزتها الدكتورة الساعاتى، فى شأن مصر ونادية بلحاج وفاطمة أميتى فى المغرب وعيسى عويتس ونجيمة بلانطاد فى الجزائر•
جلب الحبيب

– هل فعلاً يستطيع الساحر التفريق بين الأشخاص وجلب المحبة بين البعض الآخر؟ من خلال تجربتك ومؤلفاتك المتنوعة فى هذا المجال هل مرت عليك حالات عاينتها فعلاً من قبيل هذا الأمر؟ أعتقد أن حدوث ذلك يعتبر أمراً مثيراً فعلاً•
بخصوص سؤال قدرة الساحر لا شك أن كل شئ يتوقف على الإيمان بهذه الممارسة؛ كلما كان الإيمان قوياً كانت الفعالية شبه مضمونة، والعكس صحيح طبعاً باستثناء ما يسمى عندنا فى المغرب بـ «التوكال»، ترجمتها الحرفية إلى العربية هى >التأكيل<، ويتعلق الأمر هنا بممارسة تعمد فيها بعض النساء إلى إطعام الرجل المرغوب فى تهييجه بالمحبة أو الانتقام منه أو تضييعه (معناها الحرفى جعله مثل الضبع) أى جعله يرى منها أشياء لا تروقه (كأن تخونه مثلاً) دون أن يقوى على التفظ بكلمة اعتراض •• إلخ •• تعمدُ المرأة هنا إلى إطعام زوجها أو حبيبها مواد تم تحليلها مختبريا فثبت أنها سامة•
فى ما يخص تجربتى الميدانية، منحنى بعض المبحوثين دور >الساحر< فقبلته، بعد الاستشارة مع الأستاذ المشرف طبعاً باحتذاء خطوات جان فافرى سعادة لدى اجتيازها التجربة نفسها بمنطقة بوكاج المايان الفرنسية، وكانت النتيجة أننى حصلت من الأخبار على ما يستحيل الحصول عليه من خارج هذا الموقع؛ من ذلك، مثلاً، العرافة التى زرتها لأجل تدوين معلومات فتبدَّى بعد المقابلة الأولى أنها بدورها تحتاج إلى من يقوم لها بأعمال سحر لزواج ابنتها وحصول أحد أبنائها على شغل، إلخ•• (كانت قائمة المطالب طويلة فعلاً بما جعل عملية الحصول على المعلومات تخضع لميثاق مقايضة ضمنى)، فقبلت القيام بذلك، ففتحت لى باب منزلها يومياً، وعلى امتداد شهر تقريباً، حكت لى خلاله كل تفاصيل تجربتها المسارية، أى مشوار تحولها من امرأة عادية إلى امرأة عرافة، وفى النهاية دونتُ أحجبة لابنتها العانس، فكانت النتيجة أن تزوجت هذه البنت وهى الآن أم لطفلين. من ذلك أيضاً حكاية التلميذ الذى كان يجتاز أزمة نفسية قوية آلت به إلى رفض حفظ الدروس والكف عن التردد على الفصل الدراسى ورفض اجتياز الباكالوريا ومن الموقع نفسه، موقع >الساحر< (يتم تلطيفها فى المغرب بكلمة >الفقيه<) حصلتُ على معلومات هامة عن الأسرة «المسحورة» بكاملها مقابل تحرير أحجبة للتلميذ، فكانت النتيجة أنه أكد بأنه اجتاز مباراة الباكالوريا بنجاح دون أن يتهيأ جدياً للامتحان؛ زعم أنه في ساعة التحرير أخذت الأجوبة تنزل عليه مثل وحى…
على أى، لدى القيام بالبحث الميدانى يجد الباحث نفسه ملزماً بتعلم مبادئ السحر وقواعده على نحو ما حددها القدماء، وذلك بغاية قراءة طقوس سحرة اليوم، لقياس درجة معرفتهم بالأصول السحرية بالكيفية التي تحددها الكتب •• إلخ•

– هل الفقيه يستطيع عند معرفة اسم أم شخص معين أو يستطيع الحصول على أثر منه أن يجعله يجب شخصاً آخر بحيث لا يعصى له أمراً؟؟ وهل فعلاً الأحجبة التى يعملها البعض وتوضع على عنق بعض النساء أو الرجال تجعله محبوباً لكل من رآه؟
فعالية السحر تعود إلى قوة إيمان المعنى بالسحر لا المزاول؛ فالطقوس السحرية مهما بلغت دقتها تظل فى نهاية المطاف مجرد ممارسات رمزية أو دعامات نفسية تساعد الشخص، المتوسِّل إلى الساحر، فى حل مشاكله شخصياً، وذلك على غرار ما يحدث فى التحليل النفسى: فالمريض نفسياً بمجرد قبوله التوجه إلى المحلل النفسانى يكون قد حقق من حظوظ نجاح العلاج نسبة %80 والعشرون المتبقية هى كل ما يقوم به المحلل النفساني، بمعنى أن المريض إذا لم يؤمن بالقدرة العلاجية للمحلل، فإن عمل هذا الأخير يبقى عديم الجدوى ولو صرف دهوراً فى معالجة مريضه، وهذا هو ما يحدث فى السحر. بهذا المعنى يمكن اعتبار السحر ضرباً من العلاج النفسانى على نحو ما بينه جيداً ليفى ستروس فى الفصل الحامل عنوان >الفعالية الرمزية< ضمن كتابه الأنتروبولوچيا البنيوية (الجزء الأول). وواضح أن هذا الجواب يقع ضمن وجهة نظر محددة >للسحر< هى المعالجة الوضعية (أو العلمية إن شئت) فى مقابل وجهة النظر الأخرى وهى المعالجة الأنطولوچية التى تسعى إلى البرهنة على الوجود الفعلى للسحر والخوارق والتخاطر عن بعد واستحضار أرواح الموتى •• إلخ•
{وكالة الصحافة العربية}
ـــــــــــ •• ـــــــــــ

الاخبار العاجلة