Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the all-in-one-wp-security-and-firewall domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
الذكاء الاصطناعي والأدب: (4) عندما يلتقي الإبداع الأدبي بالتكنولوجيا الرقمية – محمد أسليـم

الذكاء الاصطناعي والأدب: (4) عندما يلتقي الإبداع الأدبي بالتكنولوجيا الرقمية

1883 views
الذكاء الاصطناعي والأدب: (4) عندما يلتقي الإبداع الأدبي بالتكنولوجيا الرقمية

(4) الأدب والذكاء الاصطناعي: عندما يلتقي الإبداع الأدبي بالتكنولوجيا الرقمية

الذكاء الاصطناعي والأدب (سلسلة مقالات، بقلم الذكاء الاصطناعي)

مقدمة
لقد غير الذكاء الصناعي الكثير من مظاهر حياتنا اليومية، من خلال ولوجه سائر المجالات، بما في ذلك الأدب. ويعد هذا الأخير أحد المجالات الأكثر إثارة وتشويقًا التي طرقها هذا الذكاء، إذ يقوم مطوروه والعلماء والفنانون حاليًا باستكشاف الإمكانيات الجديدة التي يقدمها للأدب. في هذا المقال، سنستعرض كيف يتحد الذكاء الاصطناعي والأدب، ويؤثر الأول بالفعل على الثاني، لإحداث ثورة في المشهد الأدبي وتوفير إمكانيات جديدة للكتاب والناشرين والقراء، وما هي التحديات المتعلقة التي يطرحها هذا اللقاء، وما هي الآفاق المستقبلية لهذين المجالين المرتبطين اللذين باتا مرتبطين ارتباطا وثيقا.

أوَّلا: الذكاء الصناعي والإبداع الأدبي
التوليد الأوتوماتيكي للنصوص أو الذكاء الاصطناعي أداة للكتابة
تكنولوجيا توليد النصوص هي أنظمة مؤتمتة تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لإنتاج نصوص من بيانات موجودة مسبقًا، يمكن أن تشمل نصوصا موجودة بالفعل أو صورا أو أصواتا أو حتى معلومات قادمة من مستشعرات مادية. ويمكن استخدام تكنولوجيا توليد النصوص لإنتاج ملخصات للنصوص وترجمات وإجابات عن لأسئلة ومقالات الأخبار ووصف العديد من أنواع المحتوى الأخرى.
لقد أدى تطوير نماذج اللغة القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى إنشاء نصوص أدبية آلية، بحيث يمكن أن يساعد هذا الذكاء المؤلفين في الكتابة، من خلال توفير أدوات توليد نصوص آلية، مثل DeepAI وgpt 4 وTextgenrnn (GitHub) أو BERT (Google)، إذ يمكن لهذه الأدوات أن تسمح للمؤلفين بإنشاء مسودات أعمالهم بسهولة وفعالية، وتوليد أفكار وصياغتها بسهولة، وأيضا توليد أحداث وشخصيات، مما يساعدهم على التغلب على عراقيل الكتابة، كما يمكنهم إنتاج نصوص مترابطة من توجيهات بسيطة. بالإضافة إلى مساعدة المؤلفين على التغلب على بعض عراقيل الكتابة وتنشيط إبداعهم، تسمح هذه المولدات باستكشاف أنواع جديدة من الكتابة، أو صياغة الأفكار بسهولة.

1) الدردشة الكتابية (Chatbot)
دردشات الكتابة هي عبارة عن وكلاء محادثة يعملون بالذكاء الصناعي مصممون لمساعدة المستخدمين في مختلف مهام الكتابة. يمكن لهذه الدردشات أن تساعد المؤلفين في توليد الأفكار، واقتراح خيارات العبارات أو الكلمات المراد استخدامها، وتوفير المساعدة في تصحيح القواعد النحوية والأخطاء الإملائية في النص. بشكل عام، تعمل دردشات الكتابة كمساعدين افتراضيين للكتابة، مما يساعد المستخدمين على تحسين وتحسين عملية الكتابة الخاصة بهم.
تسمح دردشات الكتابة مثل Huggingface أو Google Dialogflow للمؤلفين بالتحدث مع الذكاء الصناعي للحصول على أفكار الكتابة، والاستفسار عن العبارات المراد استخدامها، أو الحصول على مساعدة لتصحيح النص من الناحية الإملائية أو النحوية.
2) المحتوى المخصص والتفاعلي
يُشار بالمحتويات الشخصية والتفاعلية في الأدب نهجًا مبتكرا يقدم تجربة قراءة أكثر تفاعلية وشخصية للقراء. ويمكن تحقيق ذلك بعدة طرق، مثل:
– السرد التفاعلي: حيث يمكن للقراء تحديد الاتجاه الذي ستسلكه القصة من خلال اختيار مسارات سردية مختلفة.
– الكتب التي تكون فيها أنت البطل (أو بطلها أنت): حيث يتخذ القراء قرارات تؤثر في سير الحكاية.
– تطبيقات القراءة التي تضيف عناصر تفاعلية، مثل الرسوم المتحركة والأصوات والفيديوهات، إلى القراءة التقليدية.
– تجارب القراءة المُخصصة: التي تستخدم بيانات القراء لتوصية كتب تتوافق مع اهتماماتهم وتفضيلات القراءة.
ويهدف هذا النهج إلى جعل القراء ينغمسون في القصة ومنحهم تحكمًا أكبر في تجربة القراءة الخاصة بهم، مما يمكن أن يزيد من تفاعلهم مع القراءة واهتمامهم بها.
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي أيضًا إنشاء قصص تفاعلية تتكيف مع القارئ. على سبيل المثال، يمكن تقديم خيارات للقراء طوال القصة، فيقوم الذكاء الاصطناعي ببناء السرد بناءً على هذه الخيارات، مما يخلق تجربة قراءة فريدة ومخصصة.

3) تحليل النصوص وتحسينها:
يتم تحليل النصوص وتحسينها باستخدام الذكاء الاصطناعي من خلال استخدام خوارزميات ونماذج معالجة اللغة الطبيعية لتقييم جودة النص المكتوب واقتراح تحسينات له. يمكن أن يشمل ذلك تصحيح القواعد والإملاء، وتوضيح الجمل واقتراح كلمات أو عبارات بديلة.
يمكن أن يُحلل الذكاء الاصطناعي النصوص الأدبية لتقييم جودتها وتماسكها وأسلوبها وقابليتها للقراءة، إذ يمكن للخوارزميات أن تحلل الأعمال الأدبية استنادًا إلى معايير مثل الأسلوب والنغمة والمفردات، كما يمكن لأدوات، مثل Grammarly أو Hemingway Editor، أن تساعد الكتاب على تحسين جودة كتاباتهم بالفعل عن طريق تحديد الأخطاء النحوية والإملائية والتعبيرات غير الواضحة أو التكرارات.
ثانيا: الذكاء الاصطناعي وترويج الأدب
2) تحليل الاتجاهات والتوقعات
يُشار بتحليل الاتجاهات والتوقعات إلى استخدام البيانات والنماذج الإحصائية لتحديد الأنماط والاتجاهات في البيانات الماضية، بهدف التنبؤ بما قد يحدث في المستقبل. ويتضمن هذا التحليل في أغلب الأحيان استخدام تقنيات التعلم الآلي والتحليل التنبؤي للعثور على الارتباطات والأنماط في البيانات التاريخية، من أجل إجراء توقعات حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل.
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي الناشرين على تحديد اتجاهات الأدب والتنبؤ بالنجاحات المستقبلية من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات حول المبيعات والمرجعات وتفضيلات القراء، كما قد يساعد هذا التحليل الناشرين على اتخاذ قرارات مستنيرة حول الاستثمارات والمشروعات التي يجب تفضيلها.

3) نُظُم التوصية والتوصيات المُخصصة
أنظمة التوصية هي أدوات حاسوبية تساعد على اقتراح المنتجات أو الخدمات أو المحتوى، استنادًا إلى سجلِّ استخدام المستخدم وتفضيلاته. ويمكن لهذه التوصيات أن تعتمد على خوارزميات واستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يتيح لها تقديم اقتراحات متزايدة الدقة باستمرار من خلال تعلم سلوك المستخدم على مر الزمن. تستخدم أنظمة التوصية بشكل شائع في تطبيقات التجارة الإلكترونية وخدمات بث الفيديو والموسيقى والكتب وفي مجالات أخرى حيث تتوفر مجموعة واسعة من المنتجات أو المحتوى.
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا هامًا أيضًا في تحليل النصوص الأدبية والتوصية بها. يمكن للخوارزميات، من خلال تحليل الأعمال استنادًا إلى معايير مثل الأسلوب والنغمة والمفردات، أن تتيح للناشرين ووكلاء الأدب إيجاد المخطوطات التي تتوافق مع تفضيلاتهم بسهولة.
علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد نظم التوصية المدعومة بالذكاء الصناعي القراء في اكتشاف أعمال جديدة ومؤلفين جدد استنادا إلى تفضيلات القراء وعادات قراءتهم. وتستخدم منصات مثل Goodreads أو Amazon هذه النظم بالفعل لاقتراح كتب مشابهة لتلك التي تم شراؤها مؤخرًا أو مشاهدتها.

ثانيا: التحديات التي يواجهها الذكاء الصناعي في الأدب
1) أصالة النصوص
يشار بأصالة النصوص الأدبية إلى كونها جديدة وجيدة وفريدة ومبتكرة. وتتحقق هذه الأصالة عندما ينشئ المبدع الأدبي عملاً يتميز عن الكتابات الأخرى من حيث اللغة وتقنيات الكتابة والمحتوى. غالبًا ما تنطوي الأصالة على التعبير الشخصي للمؤلف، والصوت الفني الفريد، واستخدام للغة بكيفية مبتكرة، والهيكل السردي. ومع ذلك، فإن مسألة ما إذا كان النص أصيلًا غالبًا ما تكون قابلة للتأويل. ويمكن اعتبار العديد من الأعمال أصيلة بدرجة معينة عندما تقدم تفسيرًا أو منظورًا فريدًا لموضوع معين.
عندما ينشئ نظام الذكاء الصناعي نصًا، قد يكون من الصعب قياس أصالته. هل يعتبر هذا النوع من النصوص أصيلا أم أنه يشبه نصوصًا أخرى للغاية أو يحاكيها؟ هل التمييز بين نص منشئ صناعيًا ونص منشئ بواسطة إنسان مسألة ذات أهمية؟

2) الملكية الفكرية
الملكية الفكرية الأدبية هي مجموعة من الحقوق الحصرية الممنوحة للبدعين على إبداعاتهم، وتسمح لهم بمنع الآخرين مؤقتًا من استخدام عملهم أو نسخه أو توزيعه بدون إذن، كما تهدف هذه الحقوق إلى تشجيع الابتكار والإبداع من خلال منح المبدعين حماية لعملهم واعترافا به، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة الاقتصادية من إبداعاتهم.
وتعتبر مسألة الملكية الفكرية إحدى التحديات الرئيسية المتعلقة باستخدام الذكاء الصناعي في الأدب، إذ تثير مشاركة هذا الذكاء في الإبداع الأدبي، أو مساعدته في إنشاء النصوص، غموضا وأسئلة معقدة حول الملكية الفكرية والأصالة، منها: من هو مؤلف النص؟ من يعتبر مؤلفًا عندما يساهم الذكاء الصناعي في الكتابة؟ هل يجب منح حقوق المؤلف لعمل تم إنشاؤه جزئياً أو كلياً بواسطة الذكاء الاصطناعي؟

3) فقدان جوهر الإنسان
يشير جوهر الإنسان في الأدب إلى جودة العمل الذي يلتقط أعمق جوانب التجربة الإنسانية، المشاعر والأحاسيس والتحديات والأحلام والرغبات التي تجمعنا كبشر. عندما تنجح الأعمال الأدبية في تمثيل هذا الجوهر بطريقة أصيلة، فهي يمكن أن تلامس القراء بشكل عميق ودائم. وغالبا ما يسعى الكتاب إلى نقل هذا الجوهر باستخدام تقنيات أدبية مثل التشبيه والسخرية والرمزية، أو بدراسة موضوعات عالمية، كالحب والموت والصداقة والوحدة والحرية والعدالة، وما إلى ذلك.
لكن هناك خطر أن يؤدي استخدام الذكاء الصناعي على نطاق واسع في الأدب إلى فقدان جوهر الإنسان في إبداع النصوص وقراءتها. بالفعل، فمن خلال التركيز بشكل أكبر على إنتاج المحتوى المولد بسرعة، وفق قوالب وقواعد محددة مسبقا، تتضمن مأذونات ومحظورات، صممها مبرمجو تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن خلال التركيز على تلبية أهواء القراء، وتطلع الناشرين إلى الربح، يمكن أن يفقد الأدب عمقه وأصالته.

خاتمة
الذكاء الاصطناعي والأدب الرقمي مجالان متطوران بشكل متواصل، وسيستمران في التقاطع والتأثير المتبادل. توفر هذه التكنولوجيا اليوم إمكانيات لا حصر لها لتحسين الكتابة الأدبية وتحويلها وتوزيعها وتلقيها. لكن إذا كان لقاء الذكاء الاصطناعي والأدب الرقمي يشكل تآلفًا ثوريًا يولد أشكالًا أدبية جديدة من حيث التعبير والترويج والتوزيع، فتطور هذا الذكاء يقتضي التعامل مع التحديات الأخلاقية والاجتماعية المترتبة عن هذا اللقاء بينه وبين الأدب.

(نشر في صفحتنا بالفيسبوك، يوم 10 أبريل 2023)

Breaking News