Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the all-in-one-wp-security-and-firewall domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر»: 03 – الحديث النبوي – محمد أسليـم

م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر»: 03 – الحديث النبوي

1086 views
م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر»: 03 – الحديث النبوي

الحديث النبوي هو مجموع أقوال الرسول وتصرفاته أو ردود أفعاله تجاه أحداث يبرر مواقفه منها وقراراته إزاءها. وباعتبار الحديث تطبيقا للتعاليم القرآنية فهو لا ينفصل عن القرآن، بل يُعَدّ المصدر الثاني للإسلام بعد النص المنزَّل. لهذا السبب، تم تدوينه، مثل القرآن، في وقت مبكر للحفاظ عليه كما هو، ولتمكين جماعة المسلمين من الرجوع إليه فيما بعد، وذلك «لتمييز ما هو صحيح عما هو خطأ، وسواء أكان هذا في مادة ممارسة السلطة أو لشيء آخر»[1]. هكذا، في المغرب الراهن، عندما يتعلق الأمر بالسحر، فإنه لا يُكف عن الرجوع إلى قصة سحر الرسول.

1. سحـر الرسُـول

بحسب رواية نقلتها أم المؤمنين عائشة زوجة النبي، وكذلك الصحابي ابن عباس، فإن رسول الله أصيب بمرض خطير أخذ أعراضا ثلاثة، هي: سقوط شعر الرأس، الأرق، والنسيان. لا يُعرَف كم دام هذا الداء، إذ تضاربت الأقوال حوله بين قائل إنه استغرق ستة أشهر وقائل إنه دام عاما كاملا. بيد أنَّ ما تتفق حوله الأخبار هو أن الرَّسول، طوال هذه المدة، صار من النسيان بحيث كان لا ينام مع نسائه ويخيل إليه أنه نام معهن. وللشفاء من هذه العلة، جرَّب النبي وسائل شتى بما فيها الحجامة، لكن دون نتيجة، وآنذاك أسلم أمره لله؛ استفتاه أو استخاره. وذات يوم، بينما كان النبي ممددا فوق السرير زاره ملكان، جلس أولهما عند رجليه والثاني عند رأسه، فدارت بينهما المحادثة التي تتخلل نص الحديث الكامل حول هذه الواقعة:
«حدثني عبد الله بن محمد قال سمعت ابن عيينة يقول أول من حدثنا به ابن جريج يقول حدثني آل عروة عن عروة فسألت هشاما فحدثنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (ص) سُحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر إن كان كذا، فقال: يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيه فيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للآخر ما بال الرجل؟ قال مطبوب قال ومن طبه؟ قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليفٌ ليهودَ كان منافقا، قال وفيم؟ قال في مشط ومشاقة، قال وأين؟ قال في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان قالت فأتى النبي (ص) البئر حتى استخرجه فقال هذه البئر التي أريها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين قال فاستخرج، قالت فقلت: أفلا أي تنشَّرتَ قال أما والله قد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا»[2].
أفاق الرسول من غفوته مفزوعا، فأخبر عائشة بالأمر، ثم أرسل وراء ثلاثة رجال هم: صهره علي، والزبير، وعمار بن ياسر، فذهب الجميع إلى البئر المذكورة. وبالنزول إليها لم يعثروا على الأشياء التي حددها الملكان فحسب، بل وكذلك على حبل قوس معقود إثنا عشرة عقدة. وعلى الفور أوحى الله للرسول بسورة الفلق:
«قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثاث في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد».
قرأ الرسول في الحين هذه السورة على العقد، وإذا بها تنحل واحدة تلو الأخرى عقب كل قراءة. وبعد انحلال العقدة الأخيرة، شفي تماما، و«أحسَّ كأنه نشط من عُقال». وتضيف الروايات أن الملك جبريل جاء ليتلو دعاء لفائدة الرسول وقاية له، من الآن فصاعدا، من شرور الحسَّاد، والعين الشريرة، والسحر. عندما اقترح الرجال الثلاثة على الرسول أن يقتلوا ساحره لبيدا، اعترض عليهم مفسرا موقفه على النحو التالي: «أما والله قد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا»[3]، أو «أما الله فقد شفاني وخشيت أن أفتح على الناس شرا»[4]، أو «أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرا»[5]. كذلك، عندما اقترحت عائشة على الرسول أن ينجز «نشرة»، أي طقسا لإزالة السحر، اعترض للسَّبب نفسه[6].
إن «فتح الشر» أو «إثارة الشر بين الناس» يعني، في التعبير السابق، دفعهم بطريقة أو بأخرى إلى إيلاء أهمية للسحر، عبر تذكره وتعلمه ونحو ذلك[7]، وهو ما حذر منه المؤمنين تحذيرا واضحا في سياق آخر عندما قال: «إياكم وما خالط السحر»[8].
لا نتوفر على معطيات كافية حول سياق هذه الحكاية لفهم الرهان الذي تنطوي عليه؛ وإذا كانت النسخة الوحيدة المتوفرة من سيرة النبي لابن إسحاق[9] لا تذكر هذه الحادثة، فإن مؤلف السيرة النبوية ابن هشام اكتفى بإدراج اسم لبيد في لائحة اليهود أعداء الرسول والتلميح للحدث السابق، إذ قال: «ومن يهود بني زُريق: لبيد بن أعصم، وهو الذي أخذ رسول الله (ص) عن نسائه»[10]. وتعبير «أخَّذ» شديد الدلالة في هذا السياق؛ فهو يسمي فعل «الأخذ بقوة» في قضية تتعلق بمجال حميمي في حياة الرسول، وهو علاقته بنسائه. وحدهن هؤلاء هن اللواتي يمكنهن التحدث عنها. بيد أن رواية عائشة، الوحيدة، فوق ذلك، التي يوردها المفسرون، تترجم هذا «الأخذ بقوة» بعبارات السحر: أخِذ الرسول بسحر قوي، فوجد نفسه عاجزا بمعنى ما، لا يستطيع إقامة علاقة جنسية سوية مع نسائه. لقد تعرض لـ «خصاء رمزي» على حد تعبير جيزا روهيم الذي ينطلق في نظريته من معاينة أن: «الساحر لا يمكن أن يؤثر ضد شخص ما إلا إذا امتلك جزءا من هذا الشخص؛ أظافر، شعر، الخ. [وأن] الانتماءات التي توجد الآن بين يدي الساحر، قد تجر على الفرد الذي لم يعد يمتلكها، فقدانا للجوهر، وبالتالي خصاء رمزيا»[11]. لقد تطلب خلاص النبي تدخل البشر والملائكة والله في آن واحد.
تمحورت الآيات القرآنية التي رأيناها، وكذلك الأساطير التي انبثقت عنها، حول أصل السحر، والإجراءات المسارِّية، وقدرة الساحر، دون أن تزودنا بأي معلومات حول الضحية أو المسحور. وقضية سحر الرسول جاءت، في الواقع، لتفيدنا حول هذه النقطة بالضبط. لقد تمَّ هذا السحر حسب الخطاطة الأكثر شيوعا في سياقات ثقافية متنوعة، كما سنرى، وتتضمن ثلاث مراحل:
أ) ظهور أعراض والبحث عن علاج تبدَّى فاشلا؛
ب) تسمية ساحر مسؤول عن الخلل الطارئ؛
ج) ممارسة طقس لإزالة السِّحر.
أ. ظهور أعراض المرض والبحث عن علاج ممكن
عندما كان الرسول مريضا، عزا أعراض مرضه (سقوط شعر الرأس، النسيان، الخ.) إلى علة فيزيائية: «ظن أن ذلك عن مادة دموية أو غيرها، مالت إلى جهة الدماغ، وغلبت على البطن المقدم منه، فأزالت مزاجه عن الحالة الطبيعية له. وكان استعمال الحجامة – إذ ذاك – من أبلغ الأدوية، وأنفع المعالجة؛ فاحتجم»[12]. وإذن فنحن إزاء تفسير عقلاني للمرض واللجوء إلى إجراء علاجي ملائم. بيد أنه اتضح عديم الفعالية، الأمر الذي أفضى إلى التشكيك في صحة التفسير السابق وظهور تفسير مختلف ينتمي إلى نظام آخر، هو نظام اللاعقلاني أو نظام السحر. تساءل الرسول ومحيطه: لماذا حصل هذا الفشل فقط في هذه المرة؟ لماذا حصل للرسول بالضبط وليس لأشخاص آخرين؟ وبذلك سيحتل احتمال وجود سحر، من وراء ذلك، مكانة مركزية. وإذن فها نحن في منطق السحر على نحو ما يحدده جوريون ودلبوس عندما يقولان: «يجيب العلم عند الاقتضاء عن السؤال: “لماذا يحدث ذلك؟”، لكنه يجبرنا على التسليم بكوننا محرومين من الحصول عن السؤال: “لماذا يحدث لي ذلك؟”. أما السحر فهو يقبل أن يجيب عن هذا السؤال»[13].
في الصدد نفسه، أظهر إيفانس برتشارد أن أهالي الأزاندي[14] لا يولون للسحر أدنى اهتمام خارج سياقات خاصة جدا، وعندما يُعزى حدث ما إلى السحر، فإنه يكون دائما ثمة سؤالٌ يختفي وراء هذا الإرجاع:
«يحدث أحيانا في بلاد الأزاندي أن ينهار قبو عتيق. وهذا أمر ليس فيه ما يدعو للاستغراب. فكل زاندي يعرف أن ديدان الخشب تنخر الدعائم، وأن حتى الأخشاب الأشد صلابة يطالها الفساد مع طول الزمن. والقبو بناء ثقيل مشيد بالعوارض والطين . إنه مسكن العائلات الزاندية. فهو خلال فصل الصيف يشكل في وقت الهجير مكانا للجلوس، والثرثرة، ومزاولة لعبة الثقوب الإفريقية، ومزاولة بعض الأشغال الحرفية. كما أنه المكان الذي تخزن فيه الذرة البيضاء. وبذلك يمكن أن يكون بعض الأفراد جالسين تحته لحظة انهياره. لماذا كان أولئك الأشخاص أنفسهم جالسين تحت القبو لحظة سقوطه بالضبط؟ أن ينهار القبو فذلك أمر يسهل فهمه، لكن لماذا سقط في ذلك الوقت بالضبط، عندما كان أولئك الناس بعينهم هم الجالسون تحته وليس أشخاص آخرون؟ لقد كان بوسعه أن يسقط في أي وقت آخر، وإذنً، فلماذا لم يسقط إلا عندما كان بعض الناس يتفيأون ظلاله؟ نقول: لقد سقط القبو لأن ديدان الخشب كانت قد نخرت دعائمه وفصلتها عن بعضها. ذاك هو السبب الذي يفسر انهيار القبو. نقول أيضا: لقد كان أشخاص يوجدون تحت سقفه في ذلك الوقت لأن الوقت كان وقت هجير، ولأن بعضهم قال لبعض: «تعالوا نتجاذب أطراف الحديث ونعمل في مكان مريح». ذلك هو سبب تواجد أناس تحت القبو ساعة سقوطه. إن أي طريقة في فهم الأشياء مماثلة لطريقتنا سترى أن العلاقة الوحيدة الموجودة بين هذين الحدثين الذين تستقل أسبابهما عن بعضها، إنما تكمن في تصادفهما في الزمان والمكان. فنحن لا نفسر لماذا تقاطعت السلسلتان السببيتان في لحظة معينة وفي مكان معين ما دام لا يوجد بينهما ترابط. أما الفلسفة الأزاندية فهي تتوفر على الرابط الغائب. فالأزاندي يعرف أن ديدان الخشب قد نخرت الدعائم شيئا فشيئا، وأن الناس كانوا جالسين تحت القبو فرارا من حرارة الشمس، لكنه يعرف فوق ذلك لماذا تولدت هاتان الظاهرتان بالضبط في لحظة زمنية واحدة. لقد تولدتا بسبب السحـر»[15].
كما أظهرت جان فافري، من جهتها، أنه في بوكاج المايان بفرنسا، حيثما يقاوم مُصابٌ ما كل محاولة لتفسير أصله تفسيرا عقلانيا، يتدخل التفسير اللاعقلاني ليعزو هذا المصاب إلى السحر[16]. وضمن هذا النظام التأويلي نفسه يندرج تعامل الرسول مع مرضه.
من جهة أخرى، يتيح فحص الأعراض التي أخذها داء الرسول القول بأنه أصيب – إن شئنا استعارة مُعجم جان فافري سعادة – في قدرته على الاستمرار على قيد الحياة (المرض)، وقدرته على التوالد (العجز الجنسي)، وقدرته على الإنتاج (النسيان)؛ «غرابة الأعراض وحدها تقول إن الأمر يتعلق بسحر أو بأن ثمة شيئا غير طبيعي»[17]. قد تم التعبير عن هذا التفسير، في رواية عائـشة، بتمدد الرسول فوق سريره، علامة على خيبة أمله في العلاج الطبي، ولكن ربما أيضا تدشينا لمسعى أول على صعيد آخر، بحثا عن تفسير آخر بإجراء شبه عرافي: ألم يرد في الحديث أن الرسول استفتى الله في ما حل به؟

ب. البحث عن الساحـر وتعييـن اسمـه
قام بهذا البحث اثنان من الملائكة، أي مخلوقان غير مرئيين، أحدهما كان يسأل والثاني يجيب وكأن الأمر يتعلق باستشارة كهانية أو عرافية. الذي كان يسأل كان يقوم بذلك نيابة عن الرسول، كان ناطقا بلسان حاله، أما الذي كان يجيب فكان يفعل ذلك باعتباره قوة تملك قدرة على معرفة الغيب وإزاحة الستار عن الأحداث التي جرت فيما مضى. وهي قدرة لا يملكها إلا الملائكة والجن والناس الذين ينتمون إلى صنف من النفوس محدَّدة جدا، هي «نفوس الأولياء»، و«نفوس أهل الفراسة»، و«نفوس أهل القيافة»، و«نفوس الكهان»، و«نفوس أهل العرافة» و«نفوس السحرة»[18]. في الواقع، لم يكشف الملاك للرسول عن كونه كان ضحية سحر فحسب، بل نعت أيضا ساحره بالاسم، وذكر له الطقوس التي قام بها هذا الساحر والأشياء التي استخدمها. أحد هذه الأشياء (المشط) كان على اتصال بالرسول، والآخر (الشعر) شكل جُزءا من جسده. ومعناه أننا أمام ما يسميه فريزر بالسحر التعاطفي «الذي يمكن متعاطيه من استخدام شيء من ممتلكات أحد الأشخاص أو جزء من أجزاء جسده (كأظافره أو شعره، الخ.) ضد هذا الشخص بالذات»[19]؛ نحن أمام السحر التعاطفي القائم على «قانون التماس» الذي يعني أن «الأشياء التي تتماس فيما بينها (…) تستمر في التأثير بعضها على بعض»[20]. كان هذا المسعى ضروريا لاختيار وسائل إزالة السحر. وقد أظهر إيفانس برتشارد أن أهالي الأزاندي يخصصون جلسات عديدة لمسائلة الكاهن، عبر طقس يتضمن تناول الشخص المشكوك فيه مادة سامة، للحصول على اسم الساحر. وبمجرد ما يتم التلفظ بهذا الاسم، يضطرون حامله إلى سحب سحره، إذا كان المسحور لازال حيا. أما إذا كان المسحور قد لقي حتفه، فإنهم يلجأون إلى الانتقام من الساحر[21]. كذلك، في منطقة بوكاج المايان بفرنسا، يُدخل ظهور أعراض غير قابلة للتفسير العقلاني، يُدخل الأهالي في شبكة للسحر تُستهَلّ بالبحث عن الساحر المسؤول وتنتهي بإعادة الشر إليه.

ج. سيرورة إزالـة السحـر
تم فضح الساحر على إثر طلبٍ تقدم به الرسول إلى الله[22]. وبعد أن تعرف النبي على ساحره، نقل هذا التفسير الجديد لمرضه إلى محيطه، على شكل خطبة. وسيؤكد المحيط هذا التفسير مُدخلا فيه عناصر جديدة: سيُقالُ إن لبيدا حصَلَ على مُشط النبي وعلى شعره عن طريق غلام يهودي كان يعمل في بيت الرسول.
أما عملية إزالة السحر، فأخذت شكل طقس مزدوج: يدوي وشفهي، بشري وإلهي. أخرج صحابة الرسول الأشياء-عناصر السحر من عمق البئر، وتولى الرسول حل العقد، فيما قدم الله كلمته على شكل سورة – نزلت خصيصا لهذا الهدف: هدف إزالة السحر – كانت قراءتها على كل عقدة أمرا ضروريا لحلها. وإذن فقد انصبَّ الطقس على أشياء السحر لا على الساحر. في المغرب الراهن، يُعتقد أن سيرورة إزالة السحر الأشد فعالية هي التي تتمحور حول البحث عن عناصر السحر التي استخدمها الساحر. وبمجرد ما يتم العثور عليها، يغدو من السهل إبطال فعاليتها، إذ يكفي إحراقها أو التبول عليها فتبطل فعاليتها.
لكي لا يتعرض الرسول للسحر من جديد، فقد تلا الملك جبريل لصالحه دعاء ليس في الحقيقة سوى رقية، قال فيه: «باسم الله أرقيك من داء يؤذيك، ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك»[23]، أو قال: «باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين، الله يشفيك»[24]. وصفة كانت من الفعالية، فيما يبدو، بحيث لم يُسمَع إطلاقا أن الرسول تعرض ثانية للسحر.
يأتي سحر الرسول ليغني صُوَر السحر والسحرة التي استخلصناها من الأساطير المستوحاة من القرآن. والخطاب الذي تمَّ توظيفه للتعبير عن أزمة الرسول، يُقدِّم السحرَ باعتباره قدرة ملازمة لأشخاص يعقدون عقدا، ثم ينفثون فيها. وإذن فالقوة السحرية تمر عبر النفـَس. لقد أظهر مرسيا إلياد أن العقدَ ممارسة معروفة عند مجموع الثقافات الهندوأوروبية[25]. وهذا قد يتيح القولَ إنه، على غرار ما استوحت أساطير الإسلام التمثلات السائدة حول السحر آنذاك، استوحى خطاب الرسول تمثلات السحر السائدة في عصره بقدر ما ضمن لها استمرارا.
مر بنا أن الأشخاصَ الذين يملكون نفوسا تنتمي إلى فئة محددة – حدَّدها زكريا القزويني – يستطيعون التأثير سحريا في العالم الخارجي. وسنرى فيما بعد أنَّ هذه الفكرة تحتل مكانة مركزية في التأملات التي أنجزها الرازي المفسِّر حول السحر، وكذا في نظيرتها لدى لاحقه ابن خلدون.
تطابقُ أزمة سحر الرسُول حقلَ تدخل السحر المذكور في القرآن. يقول الوحي إن الناس يتعلمون من ملكي بابل هاروت وماروت وسائل زرع التفرقة بين الرجل وزوجته، وتقول حكاية سحر النبي إنه لم يكن ينام مع زوجاته طوال فترة تعرضه للسحر. بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت الأساطير التي عرضناها أعلاه لم تزودنا بمعلومات حول الطقوس السحرية، باستثناء الحكاية التي اختزلت هذه الممارسات إلى الكلمة، فإن الرسول يذكر لنا عناصر الطقوس وطبيعتها. أضف إلى ذلك أنه زودنا بطقس لإزالة السحر انطلاقا من القرآن. الأمر الذي سيجعل بعض مفسري القرآن لا يترددون في إثبات وصفات لإزالة السحر، في ثنايا تصانيفهم التفسيرية نفسها، فيما يلي نماذج منها:

الوصفـة 1: [لإبطال السحر]:
«يؤخذ سبع ورقات من سدر فتدق بين حجرين ثم تضرب بالماء ويقرأ عليها آية الكرسي ويشرب منها المسحور ثلاث حسوات ثم يغتسل بباقيه فإنه يذهب ما به، وهو جيد للرجل الذي يؤخذ عن امرأته»[26].

الوصفـة 2: [لإبطال السحر]:
«قال العنهاجي رحمه الله: من كتب في ورقة صفراء خمس لامات وخاء، وأضاف إليهم “وقل جاء الحق… إلى زهوقا [الإسراء، 81] ونجَّمَه ليلة واحدة وعلقه على من به سحر يبطل سحره بإذن الله»[27].

الوصفة 3: [لإبطال السحر]:
«يجمع المسحور أيام الربيع ما قدر عليه من ورد المفازة وورد البساتين، ثم يضعها في إناء نظيف ويضع عليه ماء عذبا ثم يغلي ذلك الورد في الماء غليا يسيرا، ثم ينتظر حتى إذا فتر الماء قرأ عليه المعوذات ثم أفاضه عليه فإنه يبرأ بإذن الله تعالى»[28].
نعتقد أن هذا النوع من الوصفات سيساهم في صياغة صورة الفقيه-السَّاحر، بمعنى أن السحر سيشكل جزءا من معرفة فئة من رجال الدين وممارساتهم. بحسب دراسة إدموند دوتيه حول السحر والدين في شمال إفريقيا، كان السحر في هذه البلدان ممارسة شبه مقصورة على الفقهاء[29]. وتؤكد دراسة حديثة حول السحر في الجزائر أن الأشياء تتطور في اتجاه جعل السحر من اختصاص الطلبة؛ فبعد حرمانهم من وظائفهم التقليدية (التعليم)، بسبب التحول الاجتماعي الجاري، ينقلبون إلى السحر ويجعلون منه وسيلة للعيش. ويسهل الدين والمس (بالأرواح) على الفقيه عملية المرور من وظيفة تقليدية إلى أخرى جديدة[30]. في المغرب الراهن، لا يجد الناس أي تناقض في أن يكون الشخص نفسه ساحرا وفقيها، بل وأحيانا يكون ذلك مفضلا.
للبرهنة على وجود السحر، لا يُكف عن الإحالة إلى تعرض الرسول للسحر. ففي مدينة الرباط، مثلا، يمكننا دائما العثور على شخص ينظم حلقة لبيع أدوية شعبية (أعشاب، بخور، عقاقير)، أو يكتب حجبا لإزالة السحر. ولإقناع مشاهديه، فإنه يقص عليهم حكاية سحر الرسول، معوضا فيها لبيدا الساحر بامرأة أو بعدة نساء يهوديات. وفي هذا الموضوع، يُعتبر السحر شديد الفعالية، في نظر الذين يؤمنون به، هو ذلك الذي يمارسه اليهود؛ يقال إن «سحرهم من الفعالية بحيث إن نساءهم سحرن الرسول». ولتدعيم هذا الطرح تروج العديد من المحكيات الأسطورية في هذا الاتجاه.
من جهة أخرى، إن الصيغة التي كانت تستخدم للتعبير عن تعرض الرسول للسحر، «أخِّذ عن نسائه»، هي نفسها التي تستعمل إلى أيامنا هذه في المغرب؛ لاستهلال كل محكي للتعرض للسحر يكون المسحور فيه رجلا والساحرة امرأة، يقال: «ادَّاتو لاولاده»: سلبت أبناءه إياه، إذا كان المسحور أبَ عائلة، أو «تقبطت به»: أخذته بقوة، استحوذت عليه.
إذا كانت قصة سحر الرسول قد بدت لنا واضحة، فإن الأمر بخلاف ذلك بالنسبة للفقهاء المسلمين. إذ تولدت عن نقاشاتهم – ولا زالت تتولد – مواقف متناقضة حول هذه المسألة:

2. نقاشات حول قضية سحر الرسول
تهمنا هذه النقاشات، التي زالت متواصلة حتى اليوم[31]، من زاوية أن التركيز فيها قائم – في نهاية المطاف – ليس على الرسول، وإنما على القرآن. بتعبير آخر، إن ما يهم هو النتائج العملية التي يمكن استخلاصها من هذا الحدث، خصوصا أن القرآن تدخل فيه؛ ما يهم هو حكم السحر وممارساته في الإسلام.
بحسب رأي أول، يمثله المعتزلة بالدرجة الأولى، ثم بعض أهل السنة مثل الإمام أبي بكر الرازي وبعض المتكلمين، فإن الرسول لم يُسحَر لأسباب عديدة، يمكن أن نذكر منها:
– بما أن المشركين كانوا يعتبرون الرسول مسحورا، وهي تسمية ذات إيحاء قدحي، فإنه من غير المعقول القول إن النبي قد تعرض للسحر، لأن ذلك سيكون تأكيدا لطرحهم.
– إذا كان الرسول قابلا لأن يُسحَر، فإنه سيكون قابلا أيضا لأن يصاب بالجنون.
– تأكيدُ تعرض الرسول للسحر يتناقض مع الآية التي خاطبته على النحو التالي: «والله يعصمك من الناس» (المائدة، 67)[32].
يترتب عن هذه الأدلة منع كل طقس سحري، ولو لمجرد إزالة السحر لا غير. في المنظور نفسه، نجد تأكيدات تقول بضرورة حذف المعوذتين من نص القرآن، لأنهما موجهتان لوقاية الرسول من الجن والساحرات، وبذلك لا تشكلان جزءا من النص المقدس[33].
على النقيض من هذا الطرح، يذهب طرح ثان، يمثله جمهور علماء أهل السنة، إلى أن الرسول قد تعرض فعلا للسحر. والدليل على ذلك جودة سند القصة، من جهة، الأمر الذي يفيد بأنها ليست مختلقة. ثم من جهة أخرى، أن يتعرض الرسول للسحر، فذلك لا يمنعه من أداء رسالته (نقل خطاب الله إلى البشر) على أكمل وجه. ودلالة الآية: «والله يعصمك…» تمضي في هذا الاتجاه. بالمقابل، يجب التمييز في شخصية الرسول بين جانبين: جانب إعجازي، فوق بشري، معصوم وعجيب، وآخر عادي طبيعي يجعل من الرسول مجرد شخص قابل لأن يصابَ بالمرض، بل وأن يتعرض للاغتيال حتى. ووحدَه هذا الجانب الثاني هو ما أصيب في النبي عندما سُحر. للاستشهاد على هذا الطرح، يدرج ابن قيم الجوزية سحر الرسول وتسممه في نظام واحد للأشياء، إذ يرى أن القرآن واضح بهذا الصَّدد؛ فقد ذكر منذ وقت طويل الطريقة التي سيتوفى بها الرسول: سيلقى حتفه على يد اليهود: «أفكلما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم: ففريقا كذبتم، وفريقيا تقتلون» (البقرة، 87)[34].
يضع ابن القيم بعض مكونات شاهده في سياقها، أي في حياة الرسول، فيستنتج أن التعبير «كذبتم» يحيل على أحداث مضت وجرت فعليا، «بالماضي الذي وقع منه وتحقق»[35]؛ وما وقع هو أن اليهود كانوا قد اتهموا بالكذب جميع الأنبياء الذين سبقوا محمدا. في المنظور نفسه، يستخلص أن لفظ «تقلتون» يحيل على فعل سيحدث في المستقبل، وبالتالي جاء «بالمستقبل الذي يتوقعونه وينتظرونه»[36]؛ وما يتوقعونه هو أن يتعرض الرسول للاغتيال. وبالفعل سيلقى الرسول حتفه[37] متسمما، على يد اليهود، بحسب ابن قيم الجوزية دائما:
«احتجم رسول الله (ص) على كاهله، من أجل الذي أكل: من الشاة (…) وبقي بعد ذلك ثلاث سنين، حتى كان وجعه الذي توفي فيه، فقال: ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، حتى كان هذا أوان انقطاع الأبهر مني. فتوفي رسول الله شهيدا»[38].
وإذن، بحسب هذا الطرح، ليس هناك أي علة في التشكيك في تعرض الرسول للسحر، لا ما نع في ألا يصيب السحر الجانب العادي في شخصية النبي. وسلوكات الرسول دالة في هذا الصدد. هكذا، عندما كان الأمر يتعلق بحدث يرتبط بهذا الجانب (من شخصه)، فإنه كان يتصرف كسائر الناس. لجأ إلى الحجامة عندما كان مسحورا، كذلك عندما تعرض للتسمم، ولذا لجأ لهذه الطريقة التطبيبية نفسها، كما يتضح من الرواية التالية:
«فلما اطمأن رسول الله (ص) [بعد حرب خيبر] أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم، شاة مصلية، وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله (ص)؟ فقيل لها: الذراع؛ فأكثرت فيها من السم، ثم سـمَّت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله (ص)، تناول الذراع فلاك منها مُضغة، فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، قد أخذ منها كما أخذ رسول الله (ص)؛ فأما بشر فأساغها؛ وأما رسول الله (ص) فلفظها، ثم قال؛ إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ثم دعا بها، فاعترفت؛ فقال: ما حملك على ذلك؟ قالت: بلغتَ من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملِكا استرحتُ منه، وإن كان نبيا فسيُخبَرُ. قال: فتجاوز عنها رسول الله (ص)؛ ومات بشر من أكلته التي أكل»[39].
أجرى الرسول الحجامة على الظهر ثلاث مرات، ولكن ثلاث سنوات بعد ذلك، لقي حتفه، حسب ما جاء في الروايات، وهو ما صرح به لأم بشر:
«كان رسول الله (ص) قد قال في مرضه الذي توفي فيه، ودخلت أم بشر بنت البراء تعوده: يا أم بشر، إن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر. قال: فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله (ص) مات شهيدا، مع أكرمه الله به من النبوة»[40].
نحتفظ، ونحن مارِّينَ، بأن الطريقة التي تعرف بها الرسول على السم تشبه إلى حد ما إجراء عِرافيا؛ فمجردُ فحص بسيط لعظم ساق الشاة أتاح له التعرف على السم. فيما بعد، ستصير هذه الحركة طريقة عرافية في المغرب. يوجد حاليا، بمدينة الرباط، صنف من العرافين «المتجولين» الذين يطرقون أبواب المنازل ليلقون بنبوءاتهم لسيدات البيوت مقابل بضع دراهم، وذلك بفحص عظم كتف كبش. علما بأن استخدام العظام في العرافة إجراء يعود إلى الصين القديمة (وباالضبط مع أسرة شانج التي استمر حكمها من ق. 16 إلى ق. 11 ق.م)، حيث «كانت الأسئلة تحفر على عظام الحيوانات والقواقع والأصداف، وتوجه إلى الأرواح طلبا للهداية والإرشاد. وبعد أن يحفر السؤال يقوم العراف بتسليط النار على ثقوب يحدثها في العظم، ثم يؤول ما ينتج عن الحرارة من تصدعات بأن الأرواح تجيب ببشائر خير أو نذير شؤم»[41].
لا نرمي إلى تأكيد أو تكذيب هذا الموقف أو ذاك من حادث سحر الرسول. فهما معا يهمانا من زاوية كونهما يعكسان موقفا من السحر. أهم من ذلك كون مدار ذلك النقاش كان يصب في القرآن وما يمكن استخلاصه منه على الصعيد العملي. بما أن السورتين الأخيرتين من الوحي موجهتان خصيصا لإزالة سحر الرسول ووقايته منه، فأي وضع اعتباري يجب منحه إياهما؟ هل يمكن توظيفهما في طقوس إزالة السحر؟
سيتم تبني موقفين متناقضين تجاه «العود» و«الرقية» و«النفث» وممارسات أخرى ترتبط كلها بهتين السورتين اللتين تسميان أيضا بالمعوذتين (الواقيتين). كلا الموقفين سيلجأ إلى أحاديث نبوية للدفاع عن طروحاته. فيما يلي لمحة موجزة عن رأي كل جماعة حول بعض الممارسات السحرية:

أ. النفـث:
يعرف النفث بأنه «شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل»[42]. بحسب البعض، يبيح الإسلام للمؤمن أن ينفث في أشياء معينة بهدف التداوي. وآنذاك يصير النعت القدحي الذي نجده في القرآن: «قل أعوذ برب الفلق (…) من شر النفاثات في العقد…» لا يهم إلا الذين (أو اللواتي) سحروا الرسول، الذين يمارسون السحر الشرير. ويبني أصحاب هذه الإباحة رأيهم على حديثين روتهما عائشة زوجة الرسول؛ يقول أحدهما: «كان رسول الله (ص) ينفث على نفسه – إذا اشتكى – بالمعوذات، ويمسح بيده، فلما اشتكى رسول الله (ص) وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث عليه بالمعوذات التي كان ينفث بها على نفسه»[43].
بحسب آخرين، يحظر الإسلام النفث: فقد «قال عِكرمة لا ينبغي للراقي أن ينفث ولا يمسح ولا يُعقد»[44].
كانت ممارسة النفث واسعة الانتشار في المغرب. كانت ناقلة للقدسي والقداسة، إذ يُقدَّم الصلاح في المحكيات الرائجة حول الأولياء باعتباره قوة تُنقل بواسطة النفث؛ مجرد نفث ولي صالح في جزء من جسد فرد ما (الوجه أو اليد) كان يتيح لهذا الشخص أن يلج عالم الولاية والصلاح. وفي أيامنا هذه، يستخدم النفث في بعض المناطق باعتباره وسيلة علاجية. في الدار البيضاء، مثلا، تسوق بعض العائلات أبناءها إلى أحفاد ولي، يُدعَون الخيايطة، كي يكتبوا لهم أحجبة وينفثون على وجوههم، ليُشفوا من الحمى ويكفوا – أساسا – عن البكاء المتواصل.

ب. استعمال آيات قرآنية لأغراض سحرية
يشمل هذا الاستعمال ثلاث ممارسات:
1 – الرقية: وهي قراءة سور أو آيات قرآنية للوقاية من السحر أو العين الشريرة؛
2 – العوذ: أو مجرد ذكر عبارة «أعوذ بالله» مرفوقة ببعض الآيات أو الأدعية؛
3 – التميمة: وهي حمل بعض الآيات القرآنية.
الذين يبيحون الرقية يقولون إن المعوذتين نزلتا على الرسول بهذه الصفة:
«ذكروا في سبب نزول هذه السورة وجوها: أحدها: روي أن جبريل عليه السلام أتاه، وقال له: إن عفريتا من الجن يكيدك، فقال: إذا أويت إلى فراشك قل: أعوذ برب… “السورتين”، وثانيها: أن الله تعالى أنزلهما عليه ليكونا رقية من العين؛ عن سعيد بن المسيب أن قريشا قالوا: نتجوع فنعين محمد ففعلوا، ثم أتوه وقالوا: ما أشد عضدك، وأقوى ظهرك، وأنظر وجهك، فأنزل الله المعوذتين»[45].
في هذا الاتجاه، يتم الرجوع إلى أحاديث كثيرة روتها عائشة، من بينها يمكن أن نسوق: «ذكر الترمذي – حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عروة بن عامر، عن عبيد بن رفاعة الزرقي -: “أن أسماء بنت عُمَيس قالت: يا رسول الله؛ إن بني جعفر تصيبهم العين؛ أفأسترقي لهم؟ فقال: نعم، فلو كان شيء يسبق القضاء، لسبقته العين”»[46]، و«قالت عائشة: كان رسول الله (ص) إذا اشتكى شيئا من جسده قرأ {قل هو الله أحد} والمعوذتين في كفه اليمنى ومسح بها المكان الذي يشتكي»[47].
بخلاف ذلك، يرى آخرون أن هذه الممارسة محظورة، وتحريمها معبر عنه في أحاديث نبوية كثيرة، من بينها: «روي عن جابر قال: نهى رسول الله عن الرقى»[48].
مع افتراض أن للإسلام، في مصدريه الأولين، وهما القرآن والسنة، موقفا محددا من السحر، فإن الاختلافات التي رأيناها منذ مستهل الكتاب الحالي تفسح المجال للتفكير في أن هذا الموقف كان – وربما لازال – غير قابل للتوصيل أو للإيصال إلى جميع المسلمين. فقد كانت المقاطع والآيات القرآنية الخاصة بالسحر تؤوَّل بكيفية تتمكن معها جميع تمثلات السحر والمواقف المتبناة تجاه الممارسات السحرية من تأكيد طرحها مع البقاء على صلة وثيقة بالقرآن. أما الحديث الذي كانت مهمته توضيح الخطاب الإلهي وترجمته إلى ممارسة، فإنه كان (أو أريد له أن يكون) قابلا لتوليد النقاشات والمواقف نفسها المنحدرة من القرآن. إذا كان القرآن قد دُون في وقت مبكر، الأمر الذي جعله في مأمن من كل تحريف، عبر إدراج مقاطع زائفة، فإن ذلك لن يحول دون تحميله معاني متناقضة انطلاقا من اشتغال منهجي على لغته، على نحو ما يعبر عنه عبد الفتاح كيليطو جيدا: «فالقرآن (…) عندما دوِّن في وقت مبكر، لم يكن له أن يصبح مجالا لعبث المزيفين. ولكن إذا لم يكن في الإمكان تبديل الكلام، إذا لم يكن في الإمكان حذف مقاطع أو تغييرها، إذا لم يكن في الإمكان إذن أن ننسب لمؤلف ما لم يكتبه قط، فهناك مع ذلك وسيلة لأن نقوِّله ما لم يقله. يكفي أن نفترض نية خفية وأن نقول بأننا لا ينبغي أن نقف عند المعنى الحرفي، وإن حرفية النص ليست إلا وهما يرمي إلى إخفاء الحقيقة عن كل من ليس أهلا لمعرفتها، وإن كائنات موهوبة تدرك هذه الحقيقة، ولها ما يكفي من السلطة والقوة لكي تشفها لمن يريد تعلمها…»[49].
أما الحديث النبوي، فعلى العكس كان موضوع تزييف مباشر ومنهجي. فلتحليل سلوك ما أو تحريمه، كان يتم، بكل بساطة، وضع أحاديث زائفة ونسبتها إلى الرسول. هكذا، فـ «حتى زمن البخاري، أي أقل من مائتي سنة بعد موت النبي، قد وُجد متداولا 596.725 حديثا كاذبا»[50]. وإذن، فمن بين بضع الأحاديث التي ذكرناها أعلاه، يمكن أن يكون فيها ما هو منحول أو غير صحيح.
لقد انشغل الفقهاء المسلمون جديا بهذا المشكل. ولحله ابتكروا علما دينيا، يسمى الفقه، موضوعه السهر على مراقبة تفسير القرآن. كما قام الإمام البخاري، مثلا، بمسعى يرمي إلى عدم خيانة النبي، أي «تحاشي تقويله ما لم يقله». ولأجل ذلك، بعد أن جمع 600.000 حديثا، لم يحتفظ منها إلا بـ 7.275 حديثا، بلغ المكرَّر منها 4.000 حديثا[51]. من الآن فصاعدا، سيتم تقسيم الأحاديث إلى فئات عديدة (الشهير منها يسمى «الأحاديث الصحيحة»). في مادة السحر، تتضمن هذه الفئة أساسا أقوالا تعتبر العرافة والممارسات السحرية شرورا أو فسقا. وفيما يلي بعضا منها:

3. أحاديث صحيحة حـول العـرافـة والسِّحـر
أ. العـرَافـة
روى البخاري حديثا يرتد إلى عائشة أن جماعة من الناس زاروا الرسول خصيصا لاستشارته في موضوع الكهان. وبعد أن استمع لسؤالهم نصحهم بعدم الاهتمام بهذه الفئة من الناس ولا بممارساتهم، لأنها غير ذات معنى. بيد أن الزائرين قاطعوا النبي قائلين بأن نبوءات الكهان تتبدى صائبة أحيانا، فأجابهم بأن الأمر يتعلق بكلام تختلسه الجن من السماء فتوافي به الكاهن مضيفة إليه أكاذيب:
«حدثنا علي بن عبد الله حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن يحيى بن عروة بن الزبير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسول الله ناسٌ عن الكهان، فقال: “ليس بشيء”، فقالوا: “يا رسول الله، إنهم يحدثونا أحيانا فيكون حقا، فقال رسول الله (ص): “تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة»[52].
كما زار رجلٌ الرسول للسبب نفسه؛ أراد أن يعرف حكم زيارة الكهان في الدين الجديد. حذره الرسول من ذلك، ولما سأل الرجلُ الرسول عن علم الرمل، أجابه النبي: «كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطَّه فذاك»[53].
في السياق نفسه تتردد الإحالة على حديث نبوي يروى بتنويعات، قاسمها المشترك إدراج زياة الكهان ضمن الكفر، إذ يقول: «من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد»[54].

ب. السحـر
يتردد حديث نبوي يدرج السحر ضمن نسق من المحرمات، نعته الرسول بالموبقات، نصه:
«حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد المدني عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: “اجتنبوا السبع الموبقات”، قالوا: “يا رسول الله، وما هن؟”، قال: “الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق،وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات»[55].
وسيرى الكثيرون في هذا الحديث تحريما قاطعا للسحر.
زار رجلٌ سعيدا بن المسيب، وهو أحد صحابة النبي، ليسأله عما إذا كان مباحا إزالة سحر الرجل الذي أخِّذ عن زوجته، فأجابه سعيد بأن كل سحر خير هو مباحٌ: «قال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجلٌ به طِبّ أو يؤخذ عن امرأته أيُحَلّ عنه أو يُنَشَّر؟”، قال: “لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، أما ما ينفع فلم يُنه عنه»[56]. في هذا الاتجاه، يورد البخاري أحاديث كثيرة تتعلق بالنفث. يقول أحدها:
«حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى اللهم عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها فسألت الزهري كيف ينفث قال كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه»[57].
هذه الفئة الأخيرة من الحديث المفترض أنها حاملة لموقف واضح ودقيق للنبي تجاه العرافة والسحر تظهر، على العكس، إلى أي حد يظل هذا الموقف متعارضا وجدانيا. فالتحريم القاطع المعبر عنه في الحديث «اجتنبوا السبع الموبقات» لن يمنع هذا السحر من الحصول على وضع اعتباري مباح معبر عنه أيضا في الأحاديث التي تسمح باللجوء إلى النفث للوقاية من السحر أو للاستشفاء. كذلك، فالتحذير الموجَّه إلى المؤمن بألا يزور الكهان والعرافين لن يمنع الكهانة والعرافة من الإحراز على وضع اعتباري مباح معبر عنه بوضوح في الحديث الذي يرى أن هذه الممارسات تخص أحد الأنبياء، وبالتالي تنطوي على قسم من المقدس. فيما بعد، سيستلهم العرافون المسلمون هذا الحديث لاختلاق أسطورة حول أصل علم الرمل[58]، تصف كيف علم الملاك جبريل النبي إدريس هذا العلم الذي يسمى بالفرنسية Géomancie:
«سبب تسمية علم الرمل بهذا الاسم هو أن سيدنا إدريس عليه السلام أرسله الله إلى قومه، وكان منتشرا في قومه علم التنجيم. وفي ذات يوم كان إدريس عليه السلام مارا على ساحل البحر الأعظم، وإذا برجل جميل الخلقة يناديه يا إدريس، فدهش كيف عرف هذا الرجل اسمه وهو لم يسبق بينهما معرفة، وقال له كيف يا هذا عرفت اسمي؟ قال من العلم الذي علمني به ربي، هل تريد أن تتعلمه؟ قال نعم، فخط له خطا في الرمل لأن الورق لم يكن موجودا في زمنه وكانت الأرض صخورا أو رملا لأنه كان في العصر القديم. فلكون أول خط وضع في الرمل سمي علم الرمل، فلما علم هذا الرجل نبي الله إدريس علم الرمل، قال له اضرب تختا وسل فيه عن الملاك جبريل أين هو الآن، فضرب الرمل على نية هذا السؤال، فلما خرجت له الأشكال ونطقها، قال يا هذا إن صدق هذا العلم جبريل ليس في السماء الآن ولكنه في الأرض وهو السائل، أعني الرجل الذي علم إدريس (وكان صحيحا) أرسله الله إلى النبي إدريس على صورة آدمي ليعلمه، فذهب إدريس عليه السلام إلى قومه، وقال لهم هل أعلمكم علما تعرفون منه كل شيء ماض وحاضر ومستقبل؟ قالوا نعم، فعلمهم علم الرمل، ثم سألهم هل أرسل الله رسولا؟ فضربوا جميعا الرمل، فخرج لهم أن الله أرسل رسولا اسمه إدريس، فآمنوا به»[59].
جميع مصنفات علم الرمل العربية، التي اطلعنا عليها، تتفق على الطرح الذي تقدمه هذه الأسطورة، وهو أن علم الرمل يعود إلى الملاك جبريل[60]. وإذن فنحن نجد أنفسنا ثانية أمام الآية 102 من سورة البقرة. علما بأن دراسة حديثة قدمت أطروحة بموجبها قد يكون علم الرمل العربي شكلا مختزلا من طريقة عرافية صينية تدعى «الأيشنج أو كتاب التحولات الكبرى» (le Y-King) الصيني[61]، أخذه العرب عن الصينيين خلال رحلاتهم إلى الشرق الأقصى في إطار ماكان يعرف بـ «طريق الحرير»[62].
إن التعارض الوجداني لهذه الفئة الأخيرة من الأحاديث مصدره التمثل المزدوج الذي تحمله عن السحر. يقوم فيها تمييز دقيق بين نوعين من الممارسات الخفية. الأول يسمى «سحرا»، يتجه صوب الغير، ويُفترض أنه ضار له، ومن ثمة يُعتبر شركا وكفرا. أما الثاني، فيتمحور أساسا حول الذات، ويُفترض أنه خير، ومن ثم يُتحاشى نعته بـ «السحر»، فيتم تعويضه بمفردة أخرى هي «النفث» أو «العوذ»، ومن ثمَّ تعتبر مباحة. وطقوس النوعين معا – وبالخصوص الثاني – يمكن أن تنجز انطلاقا من القرآن. بيد أن المشكلَ ينبثق من هنا بالضبط. فبحسب تودوروف، تعتبر وصفة سحرية كل صيغة تحاول التأثير في مرض ما عن طريق التلفظ بملفوظ كلامي لا غير. وهذه الكلمة ليس لها قوة سحرية في ذاتها، إنها لا تحرز على تلك القدرة إلا في ظروف دقيقة، عندما يتلفظ بها هذا الشخص أو ذاك الذي له الحق في التلفظ بها أو القدرة على النطق بها[63]، أي عندما يفوه بها الساحر على نحو ما يعرفه مارسيل موس عندما يقول: «الساحر هو بَشرٌ اعتقد أنه لا نظير له وجعل من نفسه كذلك في الآن عينه الذي تم تصديقه وجعله لا نظير له»[64]. في هذا الاتجاه، يصيرُ القرآن قابلا لتزويد الوصفات السحرية بمادتها الأساسية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بطقوس النفث. ولكن الفقهاء يرفضون ذلك. يرى الحديث أن المعيار الذي يتيح إلصاق (أو عدم إلصاق) صفة سحري بالطقس الذي يوظف القرآن، يتوقف على القصد أو الغاية التي تحكم هذا الطقس. إن كان خيرا، كالسعي إلى العلاج أو الوقاية مثلا، لم يندرج ضمن السحر، أما إذا كان شريرا، كأن يرمي إلى تمريض الغير مثلا، دَخل آنذاك ضمن السحر. بيد أن ألفرد ميترو أظهر أن الشخص – في قبائل أمريكا الجنوبية – الذي تعتبره هذه القبيلة شامانا[65] تنظر إليه القبيلة الخصم باعتباره ساحرا مخيفا[66]، ومن ثمة استمرارية التعارض الوجداني لكلمة «سحر». وإذن يمكن القول مع إ. فلورنت وج. برنانيه أن التمييز بين السحر والدين «قد يرتد إلى نمذجة إيديولوجية، بل وربما سياسية حتى»[67].
هكذا رغم أن مهمة الحديث النبوي الأساسية هي توضيح الرسالة القرآنية، فإنه لم يتجاوز التعارض الوجداني الذي يطبع الطريقة التي فهمَت بها المقاطع القرآنية الخاصة بموضوعة السحر. زد على ذلك أن الحديث يُتخذ مادة للكلام في السحر، مادة لتأويل موقفه من الخفي، أكثر مما يتحدث هو نفسه عن هذه الممارسة. ولكن يمكن القول بصفة عامة إن السحر، بحسب الحديث النبوي، هو قدرة توجد في حالة قوة لدى كل شخص، والكلمة القرآنية محايدة، ولكن عندما تسخر لخدمة السحر، فإنها تصير ذات قدرة سحرية تفعل في عناصر الطقس (النفث، بدائل جسد الضحية، الخ.) وتتحقق في الواقع.
لقد أمدتنا قصة سحر الرسول وتخلصه من السحر بمعلومات هامة حول طقوس إزالة السحر وسيرورة هذه الإزالة. في الواقع، إن التمثلات الأسطورية تطابق جيدا طقوسا واقعية. وكما أظهر ذلك م. موس على نحو جيد، «في هذا النوع من الحكايات ليس هناك خرافة، بل هناك مؤشرات مواضعة اجتماعية حقيقية تساهم في تحديد الوضع الاعتباري للساحر»[68]. فما هو هذا الوضع؟ ذلك ما سنحاول الوقوف عليه بعد عرض جملة من التأملات النظرية والفقهية في الموضوع.
———
هوامـــش
[1] Fatima Mernissi, Le harem politique, le prophète et les femmes, Paris, Albin Michel, 1987, p. 47-48.
أو ترجمته العربية: فاطمة المرنيسي، الحريم السياسي. النبي والنساء، ترجمة عبد الهادي عباس، بيروت، دار الحصاد، ط. II / 1993، ص. 48.
[2] البخاري، صحيح البخاري، م. س.، ج. 4، ص. 20-21، أبو بكر بن العربي، أحكام القرآن، م. س.، ج. 4، ص. 1996، وفخر الدين الرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 48، وابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 4، ص. 574.
[3] البخاري، صحيح البخاري، م. س.، ج. 4، ص. 21.
[4] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ج. 1، ص. 148.
[5] نفسـه، ج. 4، ص. 574.
[6] نفسه، ص. 148.
[7] الإمام النووي، عن د. يوسف القرضاوي، هدى الإسـلام. فتاوي معاصرة، بيروت-قبرص، دار أولي النهى، ط. III / 1994، ج. 2، ص. 92.
[8] الطبري، جامع البيان…، م. س.، ج. 1، ص. 750.
[9] ابن إسحاق، سيرة ابن إسحاق المسماة بكتاب المبتدأ والمبعث والمغازي، تحقيق وتعليق محمد حميد الله، الرباط، معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، 1976.
[10] ابن هشام، السيرة النبوية، تحقيق محمد السقا، إبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ شبلي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج. 2، ص. 162.
[11] Roger Bastide, René Alleau, «Magie», op. cit.,
[12] ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، بيروت، دار الكتب العلمية، (د. ت.)، ص. 100.
[13] Paul Jorion et Geneviève Delbos, «La notion spontanée de magie dans le discours anthropologique», L’Homme, janv.-mars 1980, XX (I), pp. 91-103.
أو ترجمته إلى العربية: «ارتجالية مفهوم السحر في الخطاب الأنثروبولوجي»، ضمن دراسات ترجمناها ونشرناها تحت عنوان، أبحاث في السحـر، مكناس، مطبعة سِندي، 1995، صص. 5-28.
[14] الأزاندي (Les Azandé): أحد شعوب إفريقيا يتكلم اللغة السودانية ويقطن في منطقة اقتسام المياه بين النيل والكونغو داخل تراب متقاسم بين جمهوريتي الزايير وإفريقيا الوسطى ثم السودان. وقد أقام إيفانس برتشارد بين الأهالي الأزانديين مدة عشرين شهرا متقطعة فيما بين 1926 و1930، فألف انطلاقا من المعطيات التي جمعها خلال هذه الحقبة سفره الضخم السحر والكهانة والتطبيب عند الأزانديين (بالإنجليزية). وقد ترجم إلى الفرنسية في 624 صفحة تحت عنوان:
– Sorcellerie, oracles et magie chez les Azandé, trad. Louis ةvrard, Paris, Gallimard, 1972
عن:
Michel Panoff et Michel Perrin, Dictionnaire de l’ethnologie, Paris, Payot, 1973.
[15] E. Evans Pritchard, Sorcellerie, Oracles et magie…, op. cit., ch. IV.
وقد ورد نص هذه الإحالة أيضا في مقال بول جوريون وجنفييف دلبوس، «ارتجالية مفهوم السحر في الخطاب الأنثروبولوجي»، ضمن: جماعي، أبحاث في السحر، م. س.
[16] J. F-Saada, Les mots, la mort, les sorts. La sorcellerie dans le Bocage, Paris, Gallimard, 1977, p. 137.
[17] Ibid., p. 183-184.
[18] التقسيم لزكريا القزويني، أورده في كتابه، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، م. س.، صص. 340-349.
[19] جاك لومبار، مدخل إلى الإثنولوجيا، ترجمة: حسن قبيسي، البيضاء-بيروت، المركز الثقافي العربي، 1997، ص. 80.
[20] نفسـه، الصفحة ذاتها.
[21] E. Evans Pritchard, Sorcellerie, oracles et magie…, op. cit., ch. V.
[22] ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 100.
[23] ابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 4، ص. 573
[24] نفسه، ص. 574.
[25] Mircea Eliade, Images et symboles. Essais sur le symbolisme magico-religieux, Paris, Gallimard, 1952, Ch. III.
[26] ابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 1، ص. 148.
[27] الصبري المقري، الرحمة في الطب والحكمة، عن إبراهيم محمد الجمل، السحر. دراسة في ظلال القصص القرآني والسيرة النبوية، م. س.، ص. 135.
[28] فتح الباري، عن وحيد عبد السلام بالي، الصارم البتار…، م. س.، ص. 198.
[29] E. Doutté, Magie et religion dans l’Afrique du Nord, op. cit., ch. I.
[30] Aïssa Ouitis, Possession, magie et prophétisme en Algérie, Paris, l’Arcantère, 1984, p. 106-109.
[31] إذ أفرد لها د. يوسف القرضاوي، في جواب تلقاه من أحد الطلبة، بحثا من كتابه هدى الإسـلام. فتاوي معاصرة، م. س.، ج. 2، صص. 82-96، قدم فيه بانوراما للموضوع قبل أن يوضح موضوع السؤال، وهو موقف الشيخ رضا من المسألة.
[32] ابن هشام، السيرة النبوية، م. س.، ج. 2، ص. 162، هامش رقم 2، وفخر الدين الرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 200، وابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 98.
[33] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ج. 4، ص. 571-572.
[34] علما بأن الصيغة نفسها تتكرر في صيغة الغائب: «كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون» (المائدة، 70).
[35] ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 98.
[36] نفسـه، الصفحة ذاتها.
[37] لا يورد محمود نصار والسيد يوسف إطلاقا قصة الشاة المسمومة في كتابهما، محاولات اغتيال النبي وفشلها، بيروت، دار الكتب العلمية، ط. I / 1996.
[38] ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 98.
[39] راجع ابن هشام، السيرة النبوية، م. س.، ج. 3، ص. 352-353، وابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 96-97.
[40] راجع ابن هشام، السيرة النبوية، م. س.، ج. 3، ص. 352، وابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 96-97. والتشديد منا.
[41] جفري بارند (مشرف)، المعتقدات الدينية لدى الشعوب، ترجمة د. إمام عبد الفتاح إمام، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت)، العدد 173، ماي 1993، ص. 270.
[42] زهير حموي، الإنسان بين السحر والعين…، م. س.، ص. 314.
[43] صحيح البخاري، الأحاديث رقم: 4085، و5294، و5310، وسنن ابن ماجة، الحديثين رقم: 1607، و3519، ومسند أحمد، الحديثين رقم: 23780، و24170، وساقه فخر الدين الرازي في قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 205.
[44] نفسه، ص. 206.
[45] نفسـه، ص. 199.
[46] ابن قيم الجوزية، الطب النبوي، م. س.، ص. 128. الحديث أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة.
[47] الرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 204.
[48] نفسـه، ص. 204.
[49] Abdelfattah Kilito, L’auteur et ses doubles. Essai sur la culture arabe classique, Paris, Seuil, 1985, p. 13-14.
أو ترجمته إلىالعربية: عبد الفتاح كيليطو، الكتابة والتناسخ، ترجمة: عبد السلام بنعبد العالي، بيروت، دار التنوير للطباعة والنشر، ط. I / 1985، ص. 13، ومنه سُقنا نص الإحالة.
[50] Fatima Mernissi, Le Harem politique, op. cit., p. 60.
أو ترجمته إلى العربية: الحريم السياسي…، م. س.، ص. .58. ومنه سقنا نص الإحالة.
[51] نفسه، الصفحة ذاتها (بالنسبة للأصل الفرنسي)، وص. 58 بالنسبة للترجمة العربية.
[52] صحيح البخاري، الحديث رقم: 5320، ورقم 5745، و7006، وصحيح مسلم، الحديث رقم: 4135، ومسند أحمد، الحديث رقم: 23431، والإمام النووي، رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، القاهرة، دار الكتاب، 1955، ص. 412.
[53] صحيح مسلم، الحديث رقم: 4133، وسنن النسائي، الحديث رقم: 1203، وسنن أبي داود، الحديث رقم 795، ومسند أحمد، الحديث رقم 22644، والحديث رقم 22651.
[54] سنن الترمذي، الحديث رقم 125، وسنن أبي داود، الحديث رقم 3405، وسنن ابن ماجة، الحديث رقم 631، ومسند أحمد، الأحاديث رقم: 8922، و9171، و7799، وسنن الدارمي، الحديث رقم 1116، انظر أيضا ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ج. 1، ص. 143.
[55] صحيح البخاري، الأحاديث رقم: 2560، و5322، و6351، وصحيح مسلم، الحديث رقم: 129، وسنن النسائي، الحديث رقم: 3611، وسنن ابي داود، الحديث رقم: 2490، وكذلك الإمام النووي، رياض الصالحين، م. س.، ص. 413.
[56] صحيح البخاري، كتاب الطب، باب هل يستخرج السحر.
[57] صحيح البخاري، الأحاديث رقم: 4085، و5294، و5310، وسنن ابن ماجة، الحديثين رقم: 1607، و3519، ومسند أحمد، الحديثين رقم: 23780، و24170، وفخر الدين الرازي، قصة السحر السحرة في القرآن، م. س.، ص. 205.
[58] هو ما يعرف في المغرب بخط الزناتي، نسبة إلى الشيخ محمد الزناتي (ت. 1298 هـ) الذي يبدو أنه كان صاحب اجتهادات في هذا «العلم». فبالإضافة إلى كتابه الفصل في أصول علم الرمل، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، له تسكين باسمه (تسكين الزناتي) يتردد في كتب هذا الفن.
[59] عبد الفتاح الطوخي الفلكي، منبع أصول الرمل المسمى الدرة البهية في العلوم الرملية، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، ص. 24.
[60] راجع، على سبيل المثال: البوني، شمس المعارف الكبرى، بيروت، المكتبة الثقافية، (د. ت.)، ص. 539، وداوود بن عمر الأنطاكي، تذكرة أولي الألباب…، م. س.، ج. 2، ص. 166.
[61] لأخذ فكرة مفصلة عن هذا الكتاب، يمكن الرجوع إلى: سمير طحان، «كتاب التحولات الصيني (الأيشنج)»، مجلة المعرفة (السورية)، العدد 188، تشرين الأول (اكتوبر)، 1977، صص. 26-63 أو الكتاب الآتي ذكره، صص. 37-47.
[62] Robert Amberlan, La géomancie arabe, Paris, Robert Laffont, 1984, pp. 36.
[63] Tzvetan Todorov, Les genres du discours, op. cit., p. 249.
[64] Marcel Mauss, L’origine du pouvoir magique», in M. Mauss., Oeuvres, Paris, Minuit, 1967, t. 2, p. 368.
[65] الشامان: «شخص من رجال الديـن أو المطببين [في المجتمعات البدائية] تكمن قدراته فوق الطبيعية في تمكنه من تقنيتي الشطح والملك أو المس (Possession). ووسيلة تمكنه منهما هو سفـر إلى السماء خلاله يحارب هـذا الشخص الآلهة أو يفتنهم». عـن:
– Michel Panoff et Michel Perrin, Dictionnaire de l’ethnologie, op. cit.
[66] Alfred Métraux, Religions et magies indiennes d’Amérique du Sud, Paris, Gallimard, 1967.
[67] F. Florint et J. Bernabé, La sorcellerie paysanne, Bruxelles, A. De Boeck, 1977, p. 14.
[68] Marcel Mauss, «Esquisse d’une théorie générale de la magie», op. cit.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الثلاثاء 04-09-2012 03:38 صباحا

Breaking News