Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the amnews domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر: 01 – مقدمــة – محمد أسليـم

م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر: 01 – مقدمــة

1525 مشاهدة
م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر: 01 – مقدمــة

تعتبر العلاقة بين السحر والدين واحدا من المباحث الهامة في الأنثروبولوجيا القديمة، التي اهتمت بقضيتي أصل السحر ونمذجته، في حين انكبت الأنثروبولوجيا الجديدة على الموضوع نفسه من حيث الوظائف. عموما، يمكن القول إن السؤال في هذا المجال كان يأخذ منحيين: أيهما أسبق الدين أم السحر؟ ثم هل السحر والدين متعارضان أم متكاملان؟ مع أننا لا نروم عرض مختلف الأجوبة التي قدمت في هذا الصَّدد[1]، فإنه يمكن تصنيفها عموما على النحو التالي:

– القول بوجود زوايا للاختلاف والتداخل بين السحر والدين (م. موس، ج. كازانوف)؛
– تأكيد أسبقية السحر عن الدين (فريزر)؛
– أخيرا، القول بتدهور الدين إلى سحر عبر النزعة الطقوسية (الأب سميث ور. ألييه)[2].
يعتبر الإسلام ديانة توحيدية، وهو في ذلك يشترك مع اليهودية والمسيحية في شجب السحر وتحريمه. بيد أن الوضع الاعتباري الذي أخذه الخفي في مجتمعات هذه الديانات أخذ أشكالا مختلفة، الأمر الذي يدعو إلى طرح مجموعة من الأسئلة: ففي المجال اليهودي تمكن السحر من الحصول على شرعية ما عبر التسلل إلى النص الديني نفسه، وفي السياق المسيحي عرف التحريم ترجمته التراجيدية في إطار عملية مطاردة الساحرات التي شهدتها أوروبا إبان القرون XV وXVI وXVII، بتزكية من الكنيسة وتحت شرافها، لحفظ الكاثوليكية من البدع والشيطان. في حين لم يعرف السحر في المجال الإسلامي شيئا من هذا ولا ذاك؛ إذ رغم ما يحوم حول هذه الممارسة من شبهات، ورغم التحريم الذي يلقي به عليها الفقهاء، فإنها لم تتلاش من المجتمعات الإسلامية حتى اليوم. كيف نفسر هذه المفارقة بين الخطاب والممارسة؟ بين الوضع الاعتباري الديني والوضع الاعتباري الاجتماعي؟
في الكتاب الحالي نميز داخل الإسلام بين بُعدين: إسلامٌ متعالي، يتمثل في القرآن والسنة، هو إسلام الأصل والحقيقة والنقاء، ثم إسلام تاريخي، ويتمثل في التحققات التي شهدها المصدران السابقان، بناءً على اجتهادات أو على أشكال الفهم التي لقياها لدى المسلمين. وواضحٌ أنه إذا كان النص واحدا، فإن فهمه متعدد، ويفسح المجال لاختلافات تصل إلى حد التعارض في بعض الأحيان. ولذلك، ارتأينا تجاوز الصراعات المذهبية، لندرج ضمن الإسلامي كلَّ تأمل وممارسة يقدمان نفسَيهما باعتبارهما كذلك، وبالتالي، سنركز على عرض الآراء، بصرف النظر عن تنافراتها، أكثر مما سننكب على أصحاب هذه المواقف نفسها. ومعنى ذلك أننا لا نسعى إلى الوقوف على موقف للإسلام من السحر يُفترض أنه واحد ووحيد، لأن ذلك سيقودنا إلى الانغلاق داخل رؤية معينة للنصوص الإسلامية، وبالتالي التحيز إلى مذهب دون آخر. بتعبير آخر، تقع الدراسة الحالية ضمن منظور ثقافي، يسعى للوقوف على أكبر عدد ممكن من الأقوال والمواقف من السحر، باعتبارها إنتاجا ثقافيا، وذلك في مقابل المنظور الآخر، الديني، الذي يأخذ على عاتقه استخلاص حكم للسحر يمد به المسلم كي يترجمه إلى سلوك.
يترتب عن ذلك أننا لن نتردد في اعتبار ما يدرجه الفقهاء ضمن الإسرائيليات أو الأحاديث الموضوعة، لا سيما وأننا نستمدها من كتب تفسير القرآن ذاتها. في الواقع، إذا كانت هذه الحكايات الموضوعة قد تسربت إلى شروح القرآن، فذلك يعكس الاستقامة والنزاهة الفكريتين لدى القدماء، من جهة، ويعني، من جهة ثانية، أن رواج تلك الإسرائيليات يعود إلى أن الناس كانوا في حاجة إليها، ويكسِبُ كتب التفسير بعدا إثنوغرافيا، من جهة أخيرة. ومن ثمة بدل من القول إنها تسيء إلى الإسلام،. يجب التساؤل أي شيء كانت تشبعه لدى متلقيها ومروجيها على السواء؟ كم يصير عجب المرء كبيرا عندما يقف على الرواج الذي تعرفه اليوم العديد من تلك الأساطير والأخبار المدونة في ثقافتنا الشفهية الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن العلاقة بين الكتابة والمشافهة في ثقافتنا.
كذلك سنتجنب إثارة مسألة البرهنة على الفعالية الحقيقية للسحر، لأن محاولة ذلك تبعا لصور ذهنية علمية هو إقحام لنمط من التفكير في عالم غريب تماما عنه، له إطاره المرجعي الخاص به وأدواته الخاصة به للتفكير والفعل؛ «إذا كان يترتب عن تدخل السحر نتيجة، فالساحر وحده في مستوى تأكيد أن ذلك لا يعود إلى الصدفة، [ذلك أن] السحر هو نظام من التفسيرات وحده الفاعل بداخله هو القادر على التعبير عن حقيقة الفعل»[3].
يشكل تمثل العالم، الذي يقترحه السحر العربي الإسلامي، نظرية معرفية تعالج عددا من انشغالات الإنسان، مثل قضية الحياة، والموت، وأصل الإنسان، والمكانة التي يحتلها بين مختلف مخلوقات الكون، كما يتغذى هذا السحر من مصادر عديدة يحتل الإسلام فيها مكانة مركزية.
يمكن التساؤل: لماذا يحرص هذا التمثل على جعل ما من عنصر من عناصر نظريته الكوزمولوجية إلا وتطابقه آية قرآنية و/أو حديث نبوي؟ ألامتلاك أساس ديني أم لرد هجومات واقعية أو محتملة من قبل رجال الدين؟ ما الصورة التي يكونها الإسلام عن السحر والسحرة؟ ماحكم الممارسات السحرية في الإسلام؟ كيف يتعامل السحر مع الإسلام؟ ما الخطاب – أو الخطابات – الرائجة حول السحر في المغرب الراهن؟
تلك هي الأسئلة التي سنحاول معالجتها في الكتاب الحالي انطلاقا من نصين أساسيين (القرآن والحديث) والتفسيرات التي اقترحت لهما من قبل المفسرين. سنتناول أيضا التطورات اللاحقة متمثلة أساسا في التأملات النظرية، في السحر، التي قام بها بعض علماء الإسلام وكذا حكم السحر في المذاهب الفقهية الأربعة، والخطابات الرائجة في المغرب حاليا حول السحر.
———-
هوامـــش

[1] للوقوف على عرض لسائر اتجاهات البحث في الموضوع، يمكن الرجوع إلى:
– Georges Gurvitch, La vocation de la sociologie actuelle, Paris, PUF, t. II, pp. 57-174.
كما إلى: د. سامية حسن الساعاتي، السحر والمجتمع، دراسة نظرية وبحث ميداني، بيروت، دار النهضة العربية، ط II / 1983، صص. 121-125.
[2] Roger Bastide, René Alleau, «Magie», Encyclopaedia Universalis, 1995, t. 14, pp. 255-261.
[3] Dominique Camus, Pouvoirs sorciers. Enquête sur les pratiques actuelles de sorcellerie, , Paris, Imago, 1988, p. 258.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الثلاثاء 04-09-2012 03:47 صباحا

الاخبار العاجلة