Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the all-in-one-wp-security-and-firewall domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
م. أسليـم: قراءة في أعمال محمد سناجلة الرقمية – محمد أسليـم

م. أسليـم: قراءة في أعمال محمد سناجلة الرقمية

1569 views
م. أسليـم: قراءة في أعمال محمد سناجلة الرقمية

 

تنقسم تجربة محمد سناجلة في الإبداع الرقمي إلى مرحلتين:

– مرحلة كتابة نص تخييلي تشعبي شجري البناء، يسعى للانفصال عن القراءة والكتابة الخطيين بالخصوص، وتمثله رواية «ظلال الواحد»؛
– مرحلة ما يُمكن تسميته بـ «تسخير البرمجة المعلوماتية لإنتاج كتابة أدبية تتصف بدرجة عالية من الجمالية»، وهنا تارة يتناسل التشعب بشكل فريد، بحيث تتعذر القراءة والكتابة الخطيين للنص بالمرة (رواية «شات») وتارة يرتد إلى منزلة ثانية لنجد أنفسنا أمام نص يمكن قراءته بتجاوز الوصلات (نص «صقيع»). التركيز في هذه المرحلة قائم على المشاهد البصرية والسمعية. وحصيلة التجربة هنا عملان: «شات» (رواية)، و«صقيع» (نص).
إلى جانب ما سبق، تتضمن تجربة محمد سناجلة مُكونا قابلا للعزل عن بيئته الأصلية ليُقدَّم للقارئ باعتباره يدخل ضمن جنس «القصيدة الرقمية»، ورصيد هذا المكون ثلاث قصائد: «وجود» (المشهد 12 في رواية «شات»)، «أحتاجك» و«بقايا» (في نص «صقيع»).

1. تجربة النص التشعبي التخييلي:
يأخذ «ظلال» شكل عمل سردي أحادي المدخل والمخرج على السواء؛ فالقراءة ليست متاحة خارج الجملة ذاتها التي يجب على كل قارئ أن يلج منها النص ويغادره منها، وهي: «ها قد انتهي كل شيء»، كما أنه مهما اختلفت مسالك القراء داخل النص، حيث يأخذ كل قارئ سبيلا، فإن الجميع يخرج من باب واحد، وذلك بخلاف بعض نصوص التشعب التخييلي الأجنبية التي تضع قارئ الصفحة الرئيسية أمام قائمة من الكلمات المعروضة فيما يُشبه فهرستا للمحتويات، يمكنه أن يختار منها، وبطريقة جزافية، أي كلمة، بصرف النظر عن موقعها في القائمة، ويباشر عملية القراءة..
لكن بالتقدم في قراءة ظلال نصادف روابط ما نختارها حتى ينعطف بنا السرد إلى ناحية أخرى لنجد أنفسنا في قلب حكاية فرعية…
التصميم في هذا العمل بسيط، يعتمد لغة توصيف النص المتشعب، الصفحات بيضاء اللون، والروابط بارزة بخط مغاير، والنص تحضر فيه هشاشة وسيولة النص الإلكتروني حضورا قويا، حيث يمكن الحصول على نسخة منه والتدخل في فقراته وتغيير أسلوبه، بما يضعه في قلب أسئلة الملكية الفكرية.

2. الأدب وجماليات البرمجة المعلوماتية («شات» و«صقيع»):
مع «شات» و«صقيع» تتحقق قفزة نوعية في مسار الكتابة الرقمية عند محمد سناجلة، متمثلة في تحويل النص إلى مشهد كتابي- سمعي- بصري يستحيل على أي كتاب ورقي أن يخرجه: إن نقلناه في دفتر (أو كوديكس) نقرأ، في أقصى الحالات، نصا مكتوبا فوق لوحة أو صورة فوتوغرافية، بمثابة خلفية له، لكن في سند الحاسوب يملك النص الكتابي حرية الحركة ليس فوق الخلفية فحسب، بل وكذلك داخل نوافذ أو إطارات مختلفة، كما في رواية «شات».
الملكية الفكرية للعمل هنا محمية بقوة، لأن البرنامج المعتمد هو الماكروميديا فلاش الذي لا يتيح نسخ النص ولا إدخال أي تغيير عليه ما لم تتوفر النسخة – الورشة المعتمد قبل الحفظ النهائي للعمل وإخراجه لحقل التداول.
خلق نص متألف من أكثر من نظام للعلامات (ما يسميه السيميائيون بـ «النص الأيقوني») أحدهما (في الأمثلة التي بين أيدينا) سمعي (الموسيقى)، وآخر بصري (الشريط الذي يُعتمد خلفية للعمل)، وثالث خطي-كتابي (النص الذي يتصدر أو يتجول في النص-الشريط)، لا يجب – حسب ما يؤكد أهل الاختصاص(؟؟؟) – أن يُفضي إلى بقاء هذه الأنظمة متمايزة، بحيث يمكن قراءة كل مكون منفصلا عن الآخر أثناء التصفح أو حتى فصله عنه خارج القراءة بإعادته إلى أصله بواسطة برنامج معلوماتي… بل يجب أن يُفضي إلى خلق نص آخر يتعذر اختزاله إلى مجرد جمع نص أو أكثر من طبيعة مختلفة، وإلا تحولت النصوص إلى توضيحات illustrations لبعضها البعض، وهو ما يحضر فعلا في بعض أعمال هشام. ولو كان هذا هو المطلوب لكان تقنيو الجينريك والمخرجون السينمائيون والتلفزيون هم كبار الأدباء الرقميين، لأنهم قادرون على الإتيان بالعجائب في هذا الباب بفضل تكوينهم وأجهزتهم وتقنياتهم.
2. 1. رواية «شات»:
تأخذ رواية «شات» شكل أربعة عشر مشهدا فنيا، لكل منها عنوان مستقل، تأتي متسلسلة ذات نظام خطي، بحيث يتعذر على القارئ أن يقوم باختيار عشوائي لمشهد ما على غرار ما نجد في موقع «ألف ليلة وليلة»(1) الذي يضع أحد مشاهده بين يدي القارئ خريطة للشرق العربي، وقد وُضعت في مجموعة من بلدانها نقط – روابط، كل منها تتيح إمكانية لاستهلال قراءةٍ، ليجد القارئ نفسه حرا في الانطلاق من أي نقطة – بلد – حكاية شاء، حتى إذا اتبع أحد مسالك التصفح وجد نفسه مُجددا أمام قائمة من الحكايات يمكن الاختيار فيها بشكل جزافي.
ربما كان مفيدا إضافة صفحة أو مشهد أخير إلى رواية «شات» يكون عبارة عن فهرست يتيح للقارئ الرجوع إلى أي مشهد مباشرة دون العودة التلسلسية أو الانطلاق مجددا. كذلك لانجد أي زر للخروج من الحكي في مشاهده الأربعة عشر، وسيكون مفيدا أيضا وضع هذه الإمكانية بين أيدي القراء.
تسلسلُ مشاهد الحكي ربما فرضته طبيعة الرواية ذاتها، وهي طبيعة خطية ذات بداية وأحداث متسلسلة تفضي إلى نهاية يمكن تجميعها على النحو التالي:
1) حياة البطل بعيدا عن بلده وزجته، لظروف مهنية، في بيئة صحراوية شديدة القسوة، وإحساسه الشديد بالغربة والمنفى والقلق، بمعنى أنه يحيا ضربا من الموت المجازي؛
2) اكتشافه للعالم الافتراضي بعد تعرفه، عن طريق الصدفة، على أنثى تعيش في قارة أخرى؛
3) تأسيسه عالما بديلا عن العالم الواقعي، متمثلا في «مملكة الحب» التي ستتحول إلى مجتمع بمعنى الكلمة، له رئيس هو بطل الرواية (الملك – نزار) وملكة (منال – حبيبة نزار)، ورعية (رواد غرفة الدردشة)؛
4) تمرد الرعية على الملك، وانسحابه النهائي من العالم الافتراضي؛
2. 1. 1. الرابط في «شات»:
يستخدم هذا العمل عدة أنواع من الروابط مجموعها يُفند رأي د. عبير سلامة ود. فاطمة البريكي القائل بضرورة أن تكون الوصلة في الرواية التشعبية أو التفاعلية (أو ما شئنا من الأسٍماء) بلون أزرق . كل الوصلات وردت إما على شكل صور – أيقونات متفاوتة الصغر، أو عبارة عن صيغ داخل مستطيل متوهج. ونقتصر في هذه «القراءة» على تناول نوعين من الوصلات: رابط رسائل الـ msn، ورابط غرف الدردشة.
رابط رسائل الـ msn الوافدة على البطل إلى هاتفه الخلوي:
يأخذ شكل أيقونة – صورة صغيرة جدا لهاتف خلوي، ما أن تلامسها الماوز حتى ينبعث إيقاع موسيقي جميل حتى إذا نقرت على الرابط طفت على الشاشة صورة هاتف جوال تعرض شاشته نص الرسالة المتوصل بها وقد أخذ شكل نص متحرك يشبه جينيريك الأفلام لنجد أنفسنا باعتبارنا قراءا أمام نص – صورة – مشهد يتألف من خمسة عناصر:
– الخلفية العامة للنص – المشهد الأصلي؛
– النافذة التي تعرض النص المقروء؛
– صورة جامدة للهاتف الخلوي؛
– نصا متحركا داخل جزء من الصورة السابقة (الشاشة)؛
– خلفية موسيقية مقترنة بمرور الماوز على أيقونة الهاتف الخلوي وظهوره؛
روابط غرف الدردشة:
ترد على شكل أيقونة غرف الدردشة في الياهو أو مكتوب. كل أيقونة تفضي إلى ظهور نافذة جديدة في الشاشة وتسوقنا، باعتبارنا قراء، إلى غرفة لتمكيننا من الاطلاع على ما يجري فيها وعلى الأحاديث الدائرة بين أعضائها، بل وحتى على ما يسعى كل مستخدم للتميز به عن الآخرين كتلوين الخط مثلا، وبداخل الغرفة نجد أنواعا من الروابط التشعبية التي تضع المتصفح أمام مايشبه الدمى الصينية، حيث ما أن تفتح دمية حتى تجد بداخلها أخرى:
فمشهد – فصل، «ولادة»، مثلا، يتضمن وصلتين بشكل صورتين أيقونتين لغرف الدردشة بموقع «مكتوب» تُعرضان بمؤثر فلاشي، الأولى تحيل إلى غرفة السياسة والثانية إلى «مملكة العشاق. وطن الحب والحرية».
بالضغط على الرابط الأول، يعرض النص شاشة جديدة إلى غرفة جديدة politic room، لنطلع على نقاش روادها، وفي أسفل النافذة نجد رابطا جديدا أخذ شكل مربع أزرق متوهج بداخله عبارة Nizar Left the room، بمجرد الضغط عليه تنبجس شاشة بجانب الغرفة تتضمن نصا («لم تكن موجودة، بحثت عنها في كافة أرجاء الغرفة…») يتضمن سطره ما قبل الأخير رابطا جديدا، عبارة عن مستطيل أزرق متوهج بداخله كلمة «بيت نزار»، وفور الضغط على الرابط الجديد، تظهر نافذة جديدة لتدخلنا، باعتبارنا قراء، إلى الغرفة التي أنشأها نزار للتو تحت اسم «مملكة العشاق وطن الحب والحرية»، هذا العنوان أخذ بدوره شكل رابط أزرق متوهج بمجرد ما يتم الضغط عليه يظهر نص جانبي جديد («ودخلت، تربعت على عرشها، وحيدا والتاج على رأسي…»)، ينتهي هو الآخر برابط متوهج هو جملة: «أحب وطنك، فانتظرني، سآتيك»، وفور الدخول إلى هذه الوصلة الجديدة، يجد القارئ نفسه في غرفة «مملكة العشاق. وطن الحب والحرية» التي يمكن الدخول إليها كذلك انطلاقا من المدخل الرئيسي لهذا الفصل – المشهد (ولادة)، عبر الأيقونة الثانية كما سبق وأن ذكرنا.
ومعنى ذلك أنه من خلال أيقونة رابط أصلي، يتم النفاذ، وبشكل متدرج إلى سبعة روابط كل منها يفضي إلى نص – نافذة جديدة، تماما كما في الدمى الصينية. وهذا واحد من العناصر التي تجعل عملية إخراج هذا النص في سند ورقي مستحيلة ولو باعتماد اقتراح د. عبير سلامة القائل بإلحاق الوصلات بالنص على شكل هوامش، لتترك بعد ذلك للقارئ حرية قراءتها أو تجاوزها(2). ولذلك لا نتوقع من مؤلفه إطلاقا إعادة إصداره في طبعة ورقية على غرار ما فعل مع عمله الأول «ظلال».
2. 1. 2. نص «صقيع»:
يأخذ نص «صقيع» شكل مشهد (أو ملف واحد) يتاح للقراءة مرة واحدة وفي وقت وجيز بالمقارنة مع رواية «شات».
بنية النص في هذا العمل:
– خلفية موسيقية عبارة عن مقطع يحاكي الرعد، يتردد على امتداد القراءة،
– لقطة – صورة من الشريط الاستهلالي عبارة عن صورة للبطل وهو جالس في أريكة. الصورة رمادية وبالكاد تُرى.
– ثلج يتساقط على غرار ما نجد في واجهات بعض المواقع، بمناسبة السنة الميلادية الجديدة، ويولده أحد سكريبتات الجافا؛
– ثم النص المكتوب بأسود داكن. ويتاح للقارئ التجول فيه، من أعلى إلى أسفل والعكس، عبر زرين بمجرد ما تلامس أحدهما الماوز.
مجموع العناصر السابقة تُعرض في نافذة مستطيلة تتوسط الشاشة التي تأخذ لونا أسود داكنا، بما يُبدي النص صورة بمعنى الكلمة، ويجعل القارئ يحس وكأنه يقرأ بطاقة أو صورة فوتوغرافية.
2. 1. 3. الروابط في «صقيع»:
يتضمن نص صقيع عشرة روابط، كلها باللون الأزرق، وهي تشمل جملا بكاملها ما أن يتم الضغط عليها حتى تُعرض، بشكل أوتوماتيكي، «نافذة» تحتل مجموع مساحة الشاشة، عبارة عن مشهد سينمائي أو لقطة فيديو بالأسود والأبيض، يجسد محتوى الجملة، فيما يبدو، وذلك باسثناء رابطين اثنين كلاهما يحيل على قصيدة شعرية رقمية.
سبق للأستاذ أحمد فضل شبلول أن تساءل عن سبب إدراج روابط متشعبة في جمل دون غيرها قائلا: «لماذا وضع المبدع عبارات معينة، دون غيرها، ليفعِّل خاصية الهايبر تكست حولها، وهي العبارات التي جاءت بالخط الأزرق ثم بضغطة عليها، تتحول إلى مشهدية أخرى؟»(3). الجواب في رأيي قد يكمن في أن هذه الروابط ربما تتيح قراءة «مختصرة» للنص. يبدو أن هذه الجمل هي النواة الأولى للنص، ومن ثمة يصير بإمكان القارئ الاختيار بين إحدى قراءتين:
– الأولى: مسترسلة من البداية إلى النهاية، وهي قراءة تنتظر مشاهدة كل لقطة «سينمائية» إلى حين ورودها في سياقها؛
– الثانية: قراءة الجمل ذات اللون الأزرق، ثم الضغط عليها مباشرة لاستدعاء المشهد:
«قمت أجر نفسي. الجدار يترنح تحت يدي. فجأة انضم السقف. وصلتُ إلى الفراش. كم أحتاجك الآن. انضمت أسرة كثيرة. مابقا لي قلب بعد. امتدت يد في الظلام. فتحت يدي بصعوبة. يالله عفوك».

محمد أسليـم

(القسم الثالث من المداخلة التي ألقيت في الندوة الدولية الأولى للثقافة العربية الرقمية، ة»، طرابلس، 4-6 مارس 2007)
———
هوامـش:
(1) موقع فرنسي، يندرج ضمن الأدب التفاعلي:
http://www.2001nuits.net/
(2) د. عبير سلامة، «النص المشعب ومستقبل الرواية». صدر في مجلة نسابا، يوم 23 نوفمبر2003:
http://www.alimizher.com/n/3y/studies3/Studies3/hyper.htm
(3) أحمد فضل شبلول، «صقيع: تجربة إبداعية رقمية جديدة لـ محمد سناجلة»، ملتقى رابطة الواحة الثقافية:
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=17546

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الثلاثاء 04-09-2012 09:17 مساء

Breaking News