لدى قراءة أي موقع عربي لا بد من استحضار التفاوت القائم بين المشهدين الثقافيين العربيين المشرقي والمغاربي في التعامل مع حادث الرقمية عموما وشبكة الأنترنت باعتبارها أبرز تجليات الثورة الرقمية في الوقت الراهن بالخصوص. يتمثل هذا التفاوت في السبق الزمني والكمي الذي حققه المشرق – العربي ولازال – على مستوى بناء المواقع الثقافية بكافة أصنافها، بدءا من الصحف والمجلات الإلكترونية، مرورا بالمنتديات الفكرية والأدبية، ووصولا إلى المواقع الشخصية.
ويأخذ هذا التفاوت دلالته الكبرى عندما يُلاحظ أن الالتحاق بالشبكة في المشرق العربي لا يقتصر على فئات المثقفين والمبدعين الشباب، على نحو ما نجد عموما في المغرب، بل يتعداه إلى فئات متقدمة عمريا نسبيا، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة جدا: أدونيس، سعدي يوسف، د. محمد شحرور، د. علي عقلة عرسان، د. فاروق مواسي، مظفر النواب، الناقد السوري أحمد عزت(1)، الخ.
وفي السياق المشرقي يُلاحظ حضور قوي للمثقفين الفلسطينيين على مستوى بناء المواقع كما على صعيد النشر في المنابر الإلكترونية والمشاركة في المنتديات الثقافية، ناهيك عن شكل الحضور الآخر المتمثل في المعلوماتيين الذين يتخذون من الشبكة الافتراضية حلبة لمنازلة المحتل الإسرائيلي في إطار ما يمكن تسميته بـ «الحرب الرقمية» (أو ما يسميه الإسلاميون المتشددون بـ «الجهاد الإلكتروني») التي يعتبر اختراق المواقع وعلب البريد الإلكتروني أحد أهم أنشطتها. ويجد هذا الحضور الفلسطيني القوي دون شك تفسيره في تعدد أشكال الحصار التي تعانيها هذه الشريحة من مثقفي الوطن العربي ومبدعيه جراء الاحتلال الإسرائيلي، من جهة، ثم في الإمكانيات التواصلية الهائلة التي تقدمها الشبكة عبر خلخلة مفهومي الزمان والمكان، من ناحية ثانية.
مع أن زكي العيلة مسؤول بقطاع النشر في اتحاد كتاب فلسطين، فإنه اختار اللحاق بركب الرقمية من خلال المشاركة ليس في منتدى ميدوزا والنشر في بعض المنابر الإلكترونية، مثل موقع محمد أسليم ومجلة ميدوزا (2) فحسب، بل وكذلك عبر بناء موقعه الشخصي الذي ستتولى هذه الورقة تقديمه.
يتألف الموقع من أبواب تسعة، يمكن اختزالها في بابين كبيرين: الأول يتولى تقديم صاحبه من الخارج، إن جاز التعبير، كما يتيح التواصل مباشرة معه، فيما يتولى المحور الثاني وضع كتابات صاحب الموقع مباشرة بين يدي المتصفحين. الباب الأول يشمل محاور: السيرة الذاتية، الصور الشخصية، الاتصال بالكاتب، شهادات، حوارات، مواقع صديقة. أما الثاني فيتألف من الأركان: الكتب المنشورة، كتب قيد النشر، دراسات.
1. في التسكين والعنوان:
موقع زكي العيلة موقع شخصي بمعنى الكلمة، إذ اختار له صاحبه اسم نطاق خاص به، هوwww.zakiaila.net، وهو اسم يتميز بالسهولة مما يُعفي المتصفحين من بذل مجهود الحفظ الذي تقتضيه العديد من المواقع التي يختار أصحابها التسكين المجاني. وإذا كان للتسكين المؤدى عنه إيجابية تمتيع صاحب الموقع بحرية إدراج ما شاء من أنواع الملفات، حيث تفرض الشركات التي تمنح خدمة التسكين المجاني عادة قيودا عديدة جدا على المستفيدين من هذه الخدمة، منها، ضيق المساحة، وفرض بانرات إعلانية، وحرمان المستخدم عادة من استخدام بعض لغات البرمجة، تتفاوت من موقع لآخر، ناهيك عن عدم إمكانية إنشاء أكثر من قاعدة بيانات في حالة ما إذا وفرت خدمة إنشاء قواعد بيانات، ومنع تنزيل البرامج والملفات الصوتية من الموقع، فضلا عن محدودية سعة المرور (الباندويث) التي يؤدي نفادها إلى إغلاق العديد من المواقع (على نحو ما نجد في العديد من الصفحات المسكنة في شبكة جيران). وإذا كان التسكين المؤدى عنه، عكس ذلك، يوفر كل هذه الإيجابيات، فإن له سلبية قابلية الاختفاء لسبب من الأسباب، على نحو ما لوحظ، مثلا، مع موقعي الدكتور عبد الله إبراهيم وسعيد يقطين في فترة ما(3)، وموقع علاء الدين محسن الذي اختفى نهائيا بعد موت صاحبه، ثم موقع الدكتور محمد شحرور والشاعر المغربي هشام فهمي(4) المتوقفين حاليا (مارس 2008)… وهذا يفرض علينا جميعا التفكير في مآل مواقعنا الشخصية.
2. التصميم :
تتميز الصفحة الرئيسية للموقع بالبساطة واحترافية عالية في التصميم تتمثل في انسجام الألوان وتجانسها، وإمداد متصفحي الموقع بمسالك سهلة للتجول فيه: هذه المسالك مُفصلة باللغة العربية، وغير مفصلة باللغات الأجنبية التي اختار الموقع وضعها رهن المتصفحين، وهي: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية. وتعدد اللغات هذا يُعتبر ميزة للموقع، إذ قلما يختار المثقفون والمبدعون العرب إنشاء مواقعهم بأكثر من لغة، وهو ما يُقصي طبعا قراء لغات أخرى من دائرة قراءة هذه المواقع والتواصل مع أصحابها. من المواقع المنشأة بأكثر من لغة مواقع شاكر لعيبي وقاسم حداد وعماد فؤاد وجمانة حداد بالنسبة للمواقع الشخصية(5) وكيكا وجهة الشعر(6) بالنسبة للمجلات الإلكترونية.
بخلاف الصفحة الرئيسية تم بناء الصفحات الداخلية بالمزاوجة بين لغتي الـ html والـ PHP، في معظم الأقسام، حيث استخدمت الأولى في الصفحة الرئيسية للأبواب التي تعرض فهرست كل قسم فيما استعملت الثانية لعرض مواد الأقسام. وبولوج هذه الخانات يتحول التصميم إلى ما يشبه مجلة النيوك(7) حيث تظهر قائمتان:
اليمنى تحت عنوان «الموقع» وتتألف من الأبواب «مجموعات قصصية»، «الكتب النقدية»، «كتب قيد النشر»، «دراسات»، «شهادات»، ثم المحتوى التفصيلي للموقع بلغات أخرى: الفرنسية والإسبانية والأنجليزية.
أما القائمة اليسرى، فتتألف من: «أكثر المقالات قراءة»، «تقييم المقال»، «خيارات الصفحة» (اطبع المقال، ارسل المقال لصديق، زيادة حول شهادات، الأخبار بواسطة مدير الموقع») يتم الوصول إلى محرك بحث داخل الموقع، توصل نتائجه إلى 12 محركا من كبريات محركات البحث العالمية.
وأسفل كل صفحة هناك إمكانية للتعليق، ولكن الموقع اختار عدم تفعيل هذه الخاصية.
3. قسم الصور الشخصية:
يتألف من 18 صورة، تم انتقاؤها بعناية، والتقاطها بين سنتي 1997 و2004، في أربع فضاءات هي: مصر وفرنسا وبلجيكا وفلسطين.
ووجه عناية الانتقاء يتمثل في اجتناب حشد صور تخرج عن الهدف من بناء الموقع الشخصي، وهو التعريف بصاحبه وبإنتاجه الإبداعي والفكري وحضوره الثقافي في المشهدين الفلسطيني والعربي. ولذلك، تم الحرص في إدراج الصور على إبراز عينة من الأنشطة الثقافية التي شارك فيها العيلة في فلسطين وخارجها، وداخل هذه الأنشطة تم الحرص على إبراز فضاءات محددة: جلسات ندوات ومكتبات، وإظهار البعد التواصلي لصاحب الموقع من خلال عرض صور رفقة شخصيات بارزة على صعيد البحث والإبداع عربيا وفلسطينيا (سحر خليفة، محمود درويش).
التعامل الوظيفي مع هذه الصفحة جنبها من أن تصير معرضا لما اتفق من الصور على نحو ما نجد في بعض المواقع، حيث يكون الموقع شخصيا فكريا و/أو إبداعيا بينما الصور التي تعرض فيه تكون عائلية أو في الطبيعة ولا صلة لها إطلاقا بمحتوى الموقع.
الملاحظة الوحيدة على هذه الصفحة كونُ الشروحات المرافقة للصور لن تظهر لمتصفحي الموقع بلغات الموقع الأخرى لأنها مكتوبة بالعربية. في هذا الصدد سيكون مفيدا إنشاء صفحات بعدد اللغات الموجودة، ثم إرفاق الصور بلغة التصفح.
4. . صفحة المواقع الصديقة:
اقتصر فيها الموقع على المنابر ذات الصلة الوطيدة بموضوعه، ونعني بذلك مواقع مجموعة من الأدباء من أقطار عربية مختلفة.
وقد أتاحت الطبيعة التفاعلية للموقع، من خلال استخدام لغة الـ PHP نقل هذه الصفحة إلى مستوى الخدمة المعروضة على المتصفحين، حيث يمكن للراغبين في إضافة مواقعهم القيام بذلك مباشرة بعد التسجيل في الموقع.
يبدو أن تغذية هذه الصفحة تتم بانتظام، حيث يعود تاريخ أول إدراج إلى نونبر 2004 فيما يعود تاريخ آخر إدراج إلى غشت 2005، وهذه ميزة تفتقر إليها العديد من المواقع الشخصية العربية لسبب نرجحه في إسناد أصحاب المواقع عملية البناء لأشخاص آخرين.
وحضور هذه الصفحة يعتبر هاما بالقياس إلى الخدمة التي يقدمها لأصحاب المواقع كما للمعلومات التي يقدمها للمتصفحين، وهو ما لا تفطن إليه بعض المواقع التي إما تدرج أقل عدد ممكن من الروابط أو لا تدرجها بالمرة مما يجعل هذه المنابر تبدو وكأنها شبه جزر معزولة. من أمثلة ذلك مواقع محمد عابد الجابري وفاطمة بوزيان وسعيد يقطين(8) الذي حذف مؤخرا وصلة الدخول إلى صفحة «مواقع» بمنبره).
5. .صفحة مراسلة الكاتب:
وتم استغلال البعد الدينامي للموقع، حيث يكفي المتصفح الراغب في التواصل مع زكي العيلة أن يعبئ نموذجا ويرسله من داخل الصفحة إلى الموقع، فتصل الرسالة إلى صاحب الموقع. وبخلاف صفحة الصور، فإن التواصل هنا متاحٌ مع زكي العيلة بجميع اللغات.
6. صفحة الحـوارات:
تتضمن حوارين يتيحان التعرف بصورة مركزة وسريعة على الانشغالات المركزية لصاحب الموقع وكتاباته؛
7. صفحة السيرة الذاتية:
تتميز بالقصر والتركيز، لكنها تمكن المتصفح في الآن ذاته من التعرف على صاحب الموقع من زوايا المعلومات الشخصية والشهادات العلمية المحصل عليها والمشاركات في تظاهرات ثقافية فلسطينية وعربية، ثم التعرف ليس على قائمة الإنتاجات التي تتوزع بين البحث العلمي والإبداع القصصي فحسب، بل وكذلك على نوعية التلقي الذي حظي به إنتاج الكاتب والذي يمضي من تمكَّن بعض نصوصه من الوصول إلى قراء بلغات أخرى، عبر قناة الترجمة، إلى وصول نصوص أخرى له إلى اعتمادها ضمن مقررات التدريس في بعض الكليات.
8. . صفحة الشهادات:
وتعرض 9 مواد مبوبة في قسمين: ركن يحمل عنوان «شهادات للكاتب»، وآخر تسمية «شهادات حول الكاتب»؛ الأول يزاوج بين المقالة والحوار وينكب على الكتابة والكاتب ووضعهما الاعتباري تحت الاحتلال، ومعاناتهما، فيما يقدم المحور الثاني ورقات كتبها أدباء فلسطينيون حول زكي العيلة وكتاباته.
9. الكتب:
أ) المنشورة:
تتضمن هذه الصفحة روابط إلى النصوص الكاملة لمجموع الدراسات والأعمال القصصية الصادرة ورقيا لصاحب الموقع، سواء العربية منها أو المترجمة إلى لغات أخرى في إطار كتب جماعية. ويتوزع هذه الأعمال محوران: الكتابة الإبداعية متمثلة في جنس القصة: القصيرة بأربع مجاميع: «الجبل لا يأتي»، «العطش»، «حيطان من دم»، «بجر رمادي غويط»، والطويلة بعمل واحد: «حيطان من دم». أما المحور الثاني، فهو الدراسة، ويتوزعه انشغالان: النقد الأدبي بعمل واحد هو كتاب «المرأة في الرواية الفلسطينية»، ثم انشغال ثان ثقافي (بالمعنى الأنثروبولوجي للكلمة) ويتمثل في مؤلف واحد تحت عنوان: «تراث البحر الفلسطيني».
أول ما يُلاحظ في هذا القسم، كما في باقي أقسام الموقع، وجود حرص على توثيق كافة المعلومات المتعلقة بكل إصدار، من إيراد لسنة النشر ومكانه وداره، وسنته، وأحيانا حتى عدد صفحات كل عمل، مما يمنح للنصوص سلطة مرجعية تفيد كل من يود اعتمادها مواد للدراسة أو مراجع للبحث في عمل أكاديمي أو غيره. كل هذه المعلومات تمنح نفسها هكذا، مختزلة ومركزة، للمتصفح منذ الصفحة الرئيسية لقسم المنشورات حتى إذا انتقل إلى تصفح نص العمل الذي يهمه وجد ليس النص الكامل فحسب، بل وكذلك الفهرست المفصل لكل عمل.
ثاني ملاحظة هي إطلاق نصوص مجموع هذه المؤلفات على الخط ووضعها مجانا رهن إشارة متصفحي الموقع، وهي خطوة لا تُقدم عليها إلا هذه الفئة من الباحثين والمبدعين أصحاب المواقع الشخصية في النت، العرب والأجانب على السواء، التي تضع إيصال الفكر والإبداع في منزلة أسمى من كل الاعتبارات المادية التي يدفع الحرصُ عليها مواقع البعض إلى التحول إلى ما يشبه كاتالوغات أو بطاقات للزيارة، بل وحتى إلى نوافذ إشهارية لدور النشر التي تولت طبع الكتاب على نحو ما نجد في أماكن مثل موقعي أحلام مستغانمي وهاديا سعيد(9) بين آخرين وأخريات؛ وهذا الإطلاق للنصوص كاملة وإن كان يعكس تحررا من سلطة دور النشر الورقية التي فطن بعضها إلى ما تمثله الشبكة من تهديد على رواج مطبوعاته الورقية، فصار يفرض في تعاقداته مع المؤلفين بُندا يمنع إعادة نشر العمل المتعاقد عليه في أي جهة أخرى وبأي شكل من الأشكال بما في ذلك شبكة الأنترنت (كذا)، على نحو ما نجد في عقود دار نشر المدارس المغربية، أقول: هذا الإطلاق للنصوص كاملة ينخرط عن وعي أو لا وعي في أحد تيارين يتقاسمان التخطيط لمستقبل الشبكة، وهو التيار الذي يدعو إلى المجانية وله أنصاره بين الباحثين ومنظري النت والهكرز على السواء، ويقف مقابلا للتيار الآخر الذي يحرص حرصا كبيرا على حماية حقوق المؤلف المادية، ومن ثمة يهيئ المناخ للمتاجرة في كل أنواع الأنشطة التي يقوم بها المتصفح في الشبكة:
فتيد نلسون الذي لا يرى في النت الحالي سوى تطبيق صغير لمشروعه كسانادو Xanadu رمى بمشروعه هذا إلى جعل العالم الافتراضي ما يشبه ماكدونالد معرفيا حيث ما من تصفح لملف ما أو استغلال له ولو في إحالة إلا وينبغي الأداء عنه(10)؛
وميكروسوفت تفكر منذ بضع سنوات في إلغاء بيع برامجها لفائدة الكراء، حيث سيتعين على المستخدم في حالة ما أراد تنسيق نص ببرنامج الوورد، مثلا، أن يتصل بخوادم الشركة، ثم يشتغل بالبرنامج مدة من الوقت مؤدى عنها. وما سيصدق على هذا البرنامج – في حال تحققه – سيصدق على الباقي البرنامج(11)؛
وأهم من هذا كله وأخطر منه التطوير الجاري حاليا لبروتوكول أنترنت جديدة IPV6 تسمح باستخدام تشفير للعناوين يتوفر على 128 بيت، مما سيتيح الحصول من الآن فصاعدا على عدد هائل من العناوين (1 متبوعا بـ 125 صفر، أي عددا يفوق عدد ذرات الأرض)، مما يتيح نظريا منح عناوين ثابتة لملايير الملايير من الحواسيب؛ عنوان أنترنت لكل فرد، لكل عضو حيوي لكل فرد، لكل ممتلك فكري، لكل فقرة في كتاب، الخ.
وإذا كنا لا نعرف المآل النهائي الذي ستأخذه مسألة حقوق المؤلف هذه في الشبكة، فالأكيد أننا نعيش في الوقت الراهن ما يشبه الإقامة في الفردوس الرقمي بالنظر إلى الامتيازات التي نتمتع بها حاليا فيما سيُحرمُ منها لاحقونا – ونحن معهم في غضون العقود المقبلة – بالتأكيد على نحو ما يؤشر عليه اختلاف وضع ممارسة تشارك الملفات الموسيقية بصيغة MP3 حاليا بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب.
الملاحظة الثالثة حول هذا القسم ذات طابع تقني، وتتمثل في غياب فهارس للمجاميع القصصية، حيث تحتل كل مجموعة قصصية صفحة بكاملها، وهو ما سيتعب القارئ دون شك. الأمر نفسه ينطبق على كتاب «تراث البحر الفلسطيني»، حيث يحتل الكتاب بكامله صفحة واحدة. هذه النقطة (عدم تجزيء المؤلفات إلى فصول يشغل كل منها صفحة مستقلة) تم تلافيها في كتاب «المرأة في الرواية الفلسطينية»، ولكن المتصفح سيجد نقصا تقنيا في هذا العمل كما في الآخر «تراث البحر الفلسطيني»، يتمثل في عدم إثبات نصوص الهوامش والإحالات بالمرة في الأول فيما تم الاكتفاء بإثبات هوامش بعض الفصول دون أخرى في العمل الثاني. هذه الملاحظة طبعا لا تنقص بأي حال من الأحوال من الجهد التقني المبذول كما لا تدخل ضمن ما لا يقبل الاستدراك؛ فأول ما يميز النشر الإلكتروني عن نظيره الورقي، في الشبكة بالخصوص، هو قابلية كل ما يُنشر للمراجعة والتعديل والتصويب من حيث الإخراج التقني والمضمون على السواء.
ب) الكتب غير المنشورة:
وتتألف من ثلاثة أعمال هي:
– «دنكرك. ذاكرة مكان» (بالاشتراك مع غريب عسقلاني)، ويستعيد رحلة ثقافية إلى مدينة دنكرك الفرنسية، و«مكاتيب للضوء»، ويتألف في الأصل من مجموعة من المقالات المتنوعة التي تعكس تنوع اهتمامات صاحب الموقع، وقد أعاد المؤلف ترتيبها في هذه الخانة من منبره، مما سهل تصفحها واستشارتها بالمقارنة مع وجه نشرها السابق، بعد أن كانت عبارة عن مواد محشودة في قسم المقالات، وأخيرا «القبض على محمد الدرة» وهي مجموعة قصصية.
أول ملاحظة يمكن إبداؤها حول هذا القسم تتعلق بالتسمية ذاتها؛ تم تقديم العملين باعتبارهما غير منشورين، استنادا دون شك لمعيار اعتبار المنشور يتحدد في ما يخرج لحقل التداول في حلة ورقية. والحال أن حادث الرقمية هو الآن بصدد سحب السلطة التي ظل يتمتع بها النشران «المخطوطي» – إن جاز التعبير – عشرات القرون، والورقي طيلة القرون الخمسة الماضية، لاعتبارين على الأقل: الأول ميزة الرقمية المتمثلة في التمكين من تخطي مقولتي الزمان والمكان اللتان ظلتا إلى الآن تشكلان عائقا كبيرا أمام انتشار الكتاب في كافة أرجاء المعمور، ومن ثمة تقليص دوائر القراءة، وفي صلة بذلك التغلب على مشكل الندرة الذي لا يمكن أن يسلم منه كتاب ورقي نظرا لتحكم الاعتبارات الاقتصادية في عدد النسخ المسحوبة. مع النشر الإلكتروني صار إطلاق كل منشور على الخط يعني نظريا وضعه رهن التصفح من أي نقطة من نقط الكرة الارضية موصولة بالشبكة، ثم رهن إشارة عدد لا نهائي من القراء لما تتمتع به الخوادم من قدرة الاستجابة لآلاف، بل ولملايين الطلبات في لحظة واحدة. لهذا الاعتبار أقترح إطلاق اسم: «كتب رقمية»، بكل بساطة، على منشورات هذا القسم.
الملاحظة الثانية إيجابية وتتمثل في استدارك ذلك الغياب لتقسيم الكتب إلى فصول متمايزة الذي طبع كتابي «المرأة في الرواية الفلسطينية» و«البحر في التراث الفلسطيني»، حيث تم هنا التمييز بين فصول كل كتاب بشكل واضح يسهل عمليتي القراءة والتصفح.
10. الدراسات:
يصنفها الموقع في ثلاثة محاور، هي «دراسات في كتابات المؤلف القصصية»، «دراسات في مؤلفاته النقدية»، وأخيرا «آراء في أعمال الكاتب من مواقع إلكترونية» (وهو قسم قيد الإنشاء). الصفحة غنية بالمواد التي يفوق عدد الدراسات التي حظيت بها أعمال الكاتب الإبداعية نظيره في أعماله النقدية. وفحص الأسماء الموقعة لهذه المتابعات، من جهة، والأسماء والكتابات التي يتابعها صاحب الموقع، من جهة ثانية، يوقفان المتصفح على الحضور المتميز للمبدع والناقد زكي العيلة في السياقين المحلي الفلسطيني والخارجي العربي.
الملاحظة الوحيدة التي يمكن إبداءها حول هذا القسم هي غياب أيقونة للخروج تُعيد المتصفحَ إلى الفهرست العام للمقالات، وهي ملاحظة تشمل مجموع أبواب الموقع، وقد فاتنا إثباتها في السطور السابقة من هذه الورقة.
وتواتر هذه الملاحظة ربما يعكس نوعية في تعامل صاحب الموقع مع المواد التي يعرضها للتصفح تتمثل في إعطاء الأولوية للكل على الجزء، وهي لا تتأتى إلا بمجهود تركيبي كبير وإلمام شامل بمحتويات الموقع الغزيرة والمتنوعة، هذا الإلمام الذي لا يدرك ما يتطلبه من مجهود سوى أصحاب المواقع الكبيرة.
خاتمــة:
والخلاصة أننا أمام واحد من المواقع المتميزة في المشهد الثقافي العربي بالأنترنت، يمتلك صاحبه وعيا جيدا برهانات الرقمية ويستغل مجموعة كبيرة من إمكانياتها المفتقدة في العالم الورقي، كما يتجاوز مجرد التعريف بنفسه لدى الدارسين وعموم القراء إلى وضع أرشيفه كاملا بين يدي المتصفحين، بما يؤشر على نهاية عصر تجميع الإنتاج بعد اختفاء صاحبه الذي يطبع مؤسساتنا الثقافية الرسمية بعد غياب كل اسم من أسمائنا الفاعلة في ساحتنا الثقافية، ويُعتبَرُ في الآن نفسه ضربا من التكريم الذاتي للمثقف والمبدع قبل أن يكرمه الغير بعد غيابه.
لزكي العيلة أيضا كل المؤهلات الإبداعية والفكرية المعلوماتية كي يتخطى بموقعه مجرد منبر شخصي خاص بالتعريف به ووضع إنتاجه رهن إشارة المتصفحين إلى أن يصير منبرا لاحتضان كتابات المبدعين العرب ونشرها، وبالتالي المساهمة في وضع نصوص فكرية وإبداعية لنقاد وكتاب عرب لها من المصداقية ما يطمئن القراء للإقبال عليها في وقت تيسر النشر في الشبكة بحيث صار من العسير جدا العثور على ما تجدر قراءته فعلا(12).
محمد أسليـم
(قدِّمت الورقة الحالية قدمت ضمن أشغال «ندوة تكريم القاص والناقد الفلسطيني زكي العيلة» التي نظمتها مجلة ميدوزا ومنتدياتها من 1 إلى 30 شتنبر 2005)
هوامـش:
(1) عنواينها:
– أدونيـس:
http://www.jehat.com/jehaat/adonees/index.htm
– سعدي يوسف:
http://www.saadiyousif.com/home
– د. محمد شحرور:
http://www.shahrour.org/main.php
– د. علي عقلة عرسان:
http://orsan-ali.com
– د. فاروق مواسي:
http://faruqmawasi.com
– مظفر النواب:
http://www.geocities.com/elnaob
– الناقد السوري عزت عمر:
http://www.izzatomar.com/modules/news
(2) على التوالي:
– موقع محمد أسليـم:
http://aslimnet.free.fr/index.htm
– مجلة ميدوزا:
www.midouza.org/md
(3) على التوالي:
– د. عبد الله إبراهيم:
http://www.abdullah-ibrahem.com/inner.php?ThakID=6
– د. سعيد يقطين:
http://www.yaktine-said.com
(4) على التوالي:
– د. محمد شحرور:
– موقع الذبابة (للشاعر هشام فهمي):
http://www.addoubaba.com
(5) على التوالي:
– شاكر لعيبي:
http://www.geneva-link.ch/slaibi
– قاسم حداد:
http://www.qhaddad.com
– عماد فؤاد:
http://www.emadfouad.com
– جمانة حداد:
http://www.joumanahaddad.com
(6) على التوالي:
– كيكا:
http://www.kikah.com
– جهة الشعـر:
http://www.jehat.com
(7) النيوك: برنامج مفتوح المصر لإدارة المواقع.
(8) على التوالي:
– محمد عابد الجابري:
http://www.aljabriabed.net
– سعيد يقطين:
http://www.yaktine-said.com
– فاطمة بوزيان:
http://www.fatimabouzian.jeeran.com
(9) على التوالي:
– أحلام مستغانمي:
http://www.mosteghanemi.net
– هاديا سعيد:
http://www.hadiasaid.com
(10) انظر، على سبيل المثل، مادة Xanadu في موسوعة ويكيبيديا:
http://fr.wikipedia.org/wiki/Projet_Xanadu
(11) انظر:
– Christian Vandendorpe, «Contre les nouveaux féodalismes», Article publié dans Le Débat, no 117, novembre 2001, pp. 53-58.
ويمكن الاطلاع على نصه كاملا انطلاقا من العنوان:
http://www.lettres.uottawa.ca/vanden/biblio_uni2.html
(12) لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع؛ موضوع فوران النشر الذي تعرفه الشبكة بحيث صار ما هو معروض للقراءة يتجاوز بكثير ما يُقرأ فعلا، يمكن الرجوع إلى الدراسة الهامة التالية:
– Jean Clément, «La littérature au risque du numérique», in Documents numériques, 5-2001/1-2, pp. 113-134:
http://www.cairn.info/load_pdf.php?ID_ARTICLE=DN_051_0113
الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الإثنين 27-08-2012 03:48 صباحا