نشـأة السلفية المغربيـة:
على غرار الغرب، عرف العالم العربي نهضته منذ القرن التاسع عشر. فكان على المغرب والمغرب العربي بكامله أن يستوعب الأفكار الجديدة التي دخلت إليه تدريجيا، عبر قنوات عديدة، فوجدت مناخا مساعدا خلقته إرادة رد فعل تجاه الإكراهات الاستعمارية والثقافة التي تشكل مرجعا لقوة الاحتلال.
يمكن القول، إجمالا، إن فكرة «النهضة العربية» قد رأت النور في المشرق العربي، ثم انتقلت إلى المغرب العربي على مرحلتين:
– المرحلة الأولى (نهاية القرن XIX): تحققت بفضل نشر الكتب والصحف الصادرة في المشرق العربي ورحلات التجار والحجاج.
– المرحلة الثانية: انطلقت بواسطة طلبة تلقوا تكوينهم في مصر وسوريا أو كان لهم اتصال، في الحي اللاتيني بباريس، مع زملائهم المشارقة.
بهذا الصَّدد كتب المؤرخ شارل أندريه جوليان – أحد كبار المنشغلين بالمسألة – عن المغرب:
«ظلت المملكة الشريفة منذ القرن السادس عشر تمثل أحد البلدان الإسلامية الأكثر مقاومة للتجديد. وفجأة وجدت نفسها ملزمة بالانفتاح على التأثيرات الخارجية بفعل الغزو الفرنسي. ومن ثمة اكتشف المغرب الأقصى الشرق والغرب في آن واحد. جاءه الحجاج والصحافة بأصداء النهضة، واتصلت نخبه بحركة الشيخ محمد عبده الإصلاحية»[1].
يتيح إلقاء نظرة شاملة على الظاهرة الإصلاحية الدينية في المغرب، منذ بداية القرن الحالي، الكشف عن تنوع التداخلات بين الإسهامات الشرقية والغربية، كما يوضِّحُ يقظة وعي وطني رافض للعنف الاستعماري الذي تمَّ تلقيه والإحساس به باعتباره عدوانا ثقافيا، ومن ثمة بمثابة جرح هويِّي.
إلا أنَّ مثل هذا الرفض لا يمكن أن ينجح، في نظر شيوخ الإصلاح الإسلامي المغربي، إلا إذا تقاطع مع تجديد ممارسة إسلامية تميزت بـ الجمود والـ ماضوية والامتثالية. في هذا الصـَّدد يقول جاك بيرك:
«إزاء تقليد محلي شديد الامتثال للخصوصيات المتجذرة في الأرض، وقفت حركة إصلاحية ناظرة بعيدا، إلى ما رواء الحدود الحالية، إلى المشرق. وذلك في وقت كانت فيه الإدارة [الاستعمارية] تراهن بعزم على عقد صفقة مع القوى المحلية متمثلة في الأولياء، من جهة، والمزارعين من جهة ثانية. وقد كانت تلك الإدارة تعقد الأمل على إمكانية ترسيخ الواقع الاستعماري، بمجرد ما يتم التغلب على الأزمة الاقتصادية الممتدة من سنة 1929 إلى عام 1935. إلا أن المعارضة ستتبنى، على مستويات متعددة، منظورات إسلام نقي متشدد المطالب وكوني النزعة»[2].
هكذا، حيثما تطلع المستعمر إلى سيرورة جدلية بناءة لإجراء تركيب خاص بالمغرب العربي والمغرب، بين إسلام شعبي وحداثة غربية، فإنه لم يجد أمام أطروحته إلا أطروحة نقيضا مُعزَّزة تتشكل من موقف أمس المشذَّب وترفع إلى مستوى مثل سامي، وبالتالي كانت تعمل بمثابة نوع من مقوّ للهوية التي تقصي الغيريـة.
في إطار هذه الحركية العامة، أخذت الحركة الإصلاحية بالمغرب، في مرة أولى، شكلا صارما في كتابات ودروس الشيخ الدكالي (ت. 1937) الذي حاول تجديد جامعة القرويين بفاس ولعب دورا هاما في تجديد مواقف المغاربة، الأمر الذي جعله يُلقب بـ «[محمد] عبده المغرب العربي».
كان ابن الموقت (1894-1949) مجددا نشيطا، لكنه كان يتطلع إلى إصلاح الأخلاق أكثر مما يرمي إلى إصلاح الإسلام. أما الشيخ ابن العربي العلوي، تلميذ الدكالي، فكان «الأبَ الروحي» للحركة الوطنية المغربية، ومن ثمة سيصبح «معلما» لعلال الفاسي (1908-1974) الذي يعتبر أحد مؤسسي حزب الاستقلال والمؤلف الأكثر تشبعا بروح الحركة السلفية في المغرب[3].
لقد أصدر علال الفاسي من القاهرة، سنة 1952، كتابه الضخم «النقد الذاتي»[4] الذي يعرض فيه مشروعه الإصلاحي في جميع الميادين.
وفي إطار الانشغالات الخاصة لكتابنا الحالي، سنحاول في ما يلي عرضَ رؤيته للمسألة التربوية بالمغرب.
أطـرُوحَـات عَلال الفاسي التـربويـة:
أجهـد علال الفاسي نفسه في «النقـد الذاتي» على مقـاربة المسألة التربوية بالمغرب من جوانب متنوعة جدا: الغايات، لغة التعليم، المناهج، التخصصات…، الخ. لكن، رغم ما بذله من مجهود واضح، فإن معطيات عديدة ظلت تحت الظل، معلقة. حقا، إن الوضعية التاريخية – النص نشر بالقاهرة عام 1952، أي غداة الأزمة الفرنسية- المغربية لسنة 1951 وعشية أزمة 1953 [5]- قد لونت الأسلوبَ والتحليلَ بشحنة عاطفية تشوش تارة على الرؤية لدى المؤلف، وتحثه تارة أخرى على تحاشي التطرق للمسائل الأكثر إشكالية.
من السهل اليوم استخراج الجانب غير الراهن في هذا النص حول التربية، بالنظر إلى أن المؤلف يقترح دراسة إشكالية عصرية انطلاقا من مرجعية فقهية[6].
غـايـات التـربيـة:
يعتبر علال الفاسي أغراض التربية شكلا من مقدمات علوم التربية. فهي تمدنا بمقياس يتيح لنا تقدير درجة «مصداقية» كل نظام للقيم واختبار إمكانيات اشتغال المناهج البيداغوجية. وعموما، بفضل تحديد صارم لمجموعٍ من الغايات التربوية محدَّد بهذا القدر أو ذاك، تستطيع كل أمة أن تؤسس النظام المدرسي التي تراه مناسبا لقيمها ومشاريعها.
بيد أن المعيارَ الذي يتيح لنا تحديد الغايات المستهدفة وتوضيحها معيارُُ متغير. يقول علال الفاسي: «لاشك أن هذا المقياس لا يمكن أن يكون دائما واحدا، ولذلك نجد الاختلاف في توضيحه تابعا لرغبات الأمة في العصر الذي تعيش فيه»[7]. وبذلك تطرَح مسألة أغراض التربية، بفعل ضرورة الإصلاح، بالرجوع إلى عنصرين حاسمين هما: الثبات والتغيير. وبذلك فمدار الأمر هو الأمة والعصر، التقليد والحداثة… الهوية والاختلاف. يبدو أن علال الفاسي يطرح ضمنيا سؤال «من نحن؟»، وبالتالي، «لأي غايات نريد أن نشيد نظامنا الدراسي؟
ويرى علال الفاسي أن غايات التربية لا تكمن في «الربح»، لأنه إذا تم تكوين الأطفال فقط لتمكينهم العيش، فإن هؤلاء الأطفال أنفسهم سيكونون قادرين أيضا على مراكمة المال بطرق محرمة. كما لا يمكن حصر هذه الغايات في اكتساب ركام من المعارف المتنافرة والمقطوعة الصلة بقيم الأمة الروحية والثقافية، كأن يملأ الشباب «أدمغتهم بأسماء النجوم والكواكب في عالم التمثيل والسينما (…) وبمعرفة الآلهة اليونانيين»[8].
بيد أنَّ حتَّى ظاهرة إرادة التعلم بطريقة لا مبالية، من أجل العلم نفسه – كظاهرة حب للفن -، لا يمكن أن تشكل، على حد تعبير علال الفاسي، هدفا «مشروعا» من أجل تربية «حقة». والسبب في ذلك هو أن العلم يمكن أن يُدرَكه الملاك كما الشيطان، يستنتج علال الفاسي بحماسة[9]. وعليه، من اللازم على الربح أو التعلم أو المعرفة أو العلم أن يرتكز على إيمان زاهد وأخلاق صلبة باعتبارهما غايتين أساسيتين لضمان إمكانية الاشتغال الجيد للنظام التربوي المراد إرساؤه. بتعبير آخر، يشكل الإيمان والأخلاق «الغايتين» الأساسيتين للتربية التي ينشدها علال الفاسي، فيما يشكل الباقي مجموع المرامي والأهداف التربوية الدراسية التي يمكن الوصول إليها على امتداد المنهاج الدراسي[10].
وبذلك، على المدرسة أن تبدأ بتعليم التلاميذ الوسائل الأولية للتعلم: وهي المحادثة، والقراءة، والكتابة، والحساب. وهي تأتي في مقدمة العناصر التي ترفع تحدي الأمية. كما على هذا التعلم أن يتم في جميع مدارس الوطن باللغة العربية باعتبارها لغة وطنية مُوَحَّدة ومُوَحِّدَة، فضلا عن وجوب تعميمه[11].
رغم أن المحادثة والقراءة والحساب تعد مسائل ضرورية، فإنها مع ذلك ليست كافية لجعل الأطفال يضمنون عيشهم. ولذا، يجب أن يقترن التعليم الأولي بأهداف أخرى مهنية ستدرَجُ في البرامج الدراسية تبعا لانتماءات التلاميذ الاجتماعية والجهوية. ويرى علال الفاسي أنه بمقتضى هذا الإجراء، ستخصص لأبناء الفلاحين برامج في الفلاحة، ولأبناء الصناع التقليديين تكوين في الصناعة التقليدية. يؤكد علال الفاسي بالحرف: «يمكننا أن نعتبر في غايات التربية ما يرجع لتعليم الصغار بعض المهن التي يتوقفون عليها في معاشهم، مضافة إلى البرنامج المدرسي بحسب الإقليم الذي يوجد فيه التلاميذ؛ فأبناء الزراع تضاف لهم معلومات أولية تسهل عليهم تعاطي إحدى الصناعات الموجودة في بلدهم متى أرادوا، وهكذا.»[12]
ويبقى أنَّ «أنبل» الغايات التربوية، حسب علال الفاسي، تتمثل في التكوين الأخلاقي الذي يسهر على تحقيق قواعد حسن السلوك. وبالطبع، فهذه الغاية، في رأيه، لا يمكن تحقيقها إلا بتنظيم دروس دينية (إسلامية طبعا) وأخلاقية انطلاقا من تحسيس الأطفال بسيَر الأنبياء والأولياء التي تقدم للشباب أمثلة للاحتداء[13].
يمكن القول إن علال الفاسي لم يتطرق فعليا لمسألة غايات التربية بالمعنى الذي يمنحه إياها حاليا مؤلفو «صنافات الأهداف التربوية»[14]. فهي ليست مقولات معرفية، ولا قدرات ذهنية أو مواقف أو استعدادات وجدانية ترافقها تثمينات تدرجية من خلالها سيتاح للشخص أن يتميز؛ ولا هي إطلاقا كفاءات في إطار تطور حسي حركي. بل إنها لا تمت بأي صلة إلى هذه الأهداف التي تقترحها الصنافات في تقاطعها مع تخصصات دراسية أو ميادين وأنشطة محدَّدة والتي يُعتبر إنجازها قابلا للملاحظة عن طريق مجموعة من الإنجازات الإجرائية.
مـا تنـاوله علال الفاسي هو غايات التربية أو أهدافها الأكثر تجريدا، وذلك بطريقة صورية، دون إحالات على ظروف الزمان (التاريخ) أو المكان (الحضارة والوسط المادي والبشري) ودون أدنى عودة لتطلعات الشعب إلى التنمية الاجتماعية الاقتصادية في عالم يشهد تحولا متواصلا. أيجب أن نفهم من هذه الأطروحات أنَّ على المغرب أن يتخصَّص في «إنتاج» فقهاء بالمعنى الشعبي للكلمة في وقتٍ يتعين فيه على الشعوب أن تلحق بركب الحداثة لتمسك بزمام مستقبلها ومصيرها؟
في الواقع، لا نجد أدنى إشارة إلىالتحول التي يفرض نفسه على الجميع، بما في ذلك المجتمع التقليدي الذي يريد مقاومة هذا التحول لأنه لا يستطيع التقوقع والبقاء في معزل عن تأثيرات ما يحيط به. فإما هناك جهل بالدينامية السوسيوثقافية أو هناك اتخاذ موقف هو من التجريد بحيث لا يقصي تلك الدينامية ولا يدمجها. إن الدعوة إلى العصرية والتمدن الانتقائي ليست صادقة بما فيه الكفاية، إذ أن الأستاذ الفاسي نفسه لا يفصح عن رؤية عصرية في مقاربة العالم، وأشكلة المسألة التعليمية عنده تستمد مقولاتها من مرجعية لاهوتية غيبية («الملاك»، «الجن»…)، مما يجعلها عتيقة ومتجاوزة.
المسألـة اللغـويـة:
ثمة أربع لغات تستعمل في المغرب منذ فرض الحمايتين الفرنسية والإسبانية عليه (1912)، وهي: العربية، والفرنسية، والإسبانية (تستعمل في المناطق التي كانت تحت السيطرة الإسبانية: شمال الصحراء، بالخصوص)، ثم اللغة الأم. وعموما، يمكن القول إن اللغات الثلاث الأولى تحظى بوضع اعتباري كتابي، ومن ثمة فهي لغات للثقافة العالمة وللإدارة في مقابل اللغة الأم التي تكون عبارة عن لهجة أمازيغية أو عربية، وتستعمل بتلوينات تختلف من منطقة لأخرى. ثم رغم أنها تشكل أداة للتواصل اليومي، فهي لا تكتَبُ أبدا.
للإحاطة جيدا بإشكالية التعريب عند علال الفاسي من المفيد إلقاء نظرة على مميـزات كل واحدة من اللغات الآنفة.
أ. اللغـة العربيـة:
تسمى كلاسيكية أو فصحى، وهي لغة مقدسة لأنها لغة القرآن. وقد كانت ناقلة للثقافة والإدارة والتعليم في البلدان العربية. وهي كتابية أساسا ولو أنها تستخدم شفويا في الأغراض الدينية والتعليم والتواصل الإعلامي. بهذا الصدد، يلاحظ جلبير غرانغيوم أن هذه اللغة «لا تستعمَل، في أي بلد [عربي] باعتبارها لغة للتواصل العفوي والاستخدام اليومي»[15].
ومع ذلك، سيكون للنهضة العربية العربية في القرن XIX نتائج إيجابية على تطور اللغة العربية، إذ ستشهد عصرنة أسلوبية ونحوية، مما أتاح لها أن تحيط جيدا بوقائع العالم العصري. وهي تنحو اليوم إلى الهيمنة على مجالات الأدب، والصحافة المكتوبة، والإدارة، والتعليم، ثم وسائل الإعلام (بشكل شفهي).
لنسجل أن اللغة العربية، سواء أكانت كلاسيكية أم عصرية، فهي تظل واحدة في مجموع العالم العربي، فضلا عن كونها تتبدى عاملا أساسيا لتجانس الثقافة العربية.
ويبقى أنَّ هذه الإيجابيات لا ينبغي أن تنسينا بأي حال من الأحوال الآثار المشؤومة التي جرها الاستعمار على اللغة العربية، عندما جعل من اللغة الفرنسية اللغة الرسمية الوحيدة طيلة فترة الحماية، وأبعد اللغة العربية عن كل اتصال بالعالم العصري، مما أبقاها في حالة من الجمود. بهذا الصدد، يقول ج. غرانغيوم: «عندما أراد الحكام الوطنيون تبني اللغة العربية محل نظيرتها الفرنسية، انشغالا منهم بتحقيق الاستقلال الثقافي، وَجدوا أنفسهم إزاء لغة غير معروفة بشكل جيد وقليلة التكيف، لأن اللغة الفرنسية كانت هي اللغة الحقيقية التي تهيمن على دواليب الحكم»[16].
ب. اللغة الفرنسيـــة:
لقد فُرضت اللغة الفرنسية في المغرب العربي لغةً رسمية واحدة ووحيدة منذ بدايات احتلاله (احتلت الجزائر عام 1830، وتونس عام 1881، والمغرب سنة 1912)، فتم استخدامها أداة للإدارة والتواصل في جميع المؤسسات الجديدة – الحقوقية والسياسية والاقتصادية والتربوية والعلمية – بكيفية كانت من القوة بحيث وجدت البلدان الثلاثة غداة الاستقلال أمام لغة فرنسية قوية ومهيمنة تكاد تحتكر جميع مظاهر الحياة اليومية.
نعلم أن فرنسا بذلت قصارى جهدها لفرض تطبيق نظام استعماري استثنائي في كل من تونس والمغرب، وهو نظام الحماية الذي يهادن ويغازل البنيات التقليدية بدعوى احترام الشخصية الحضارية والتاريخية للبلدين. وقد كان هذا النظام إيجابيا بالنسبة لوضعية اللغة العربية في بعض المؤسسات التعليمية التقليدية (مدارس قرآنية، زوايا، جامعة القرويين)، الشيء الذي ضمن استمرار حضورها في المغرب، وذلك بخلاف الجزائر التي حُرمت كليا من اللغة العربية بفعل السياسة الاستعمارية المتبعة فيها، والقائمة على إرادة طمس الهوية الجزائرية[17].
بيد أن الملاحظة التالية تسترعي الانتباه في الحالتين معا (الحماية والاستعمار المباشر): إن إحلال اللغة العربية محل الفرنسية لم يكن صعبا فحسب، بل كان غير قابل للتحقيق. بل يمكن المضي إلى القول بأن انتشار التمدرس بعد الاستقلال قد ساهم في تقوية موقع اللغة الفرنسية المدرَّسَة باعتبارها لغة إجبارية منذ التعليم الابتدائي (الأساسي).
بخصوص الفرنسية، نحن إذن إزاء وضعية شديدة المفارقة، يصفها غرانغيوم على النحو التالي: «رغم أن انتشار الفرنسية قد ازداد، فإن قطاعات استعمالها شهد تقلصا في بعض الشعب التعليمية والإدارية بسبب سياسة التعريب. لكن الميادين التي تعتبر مفاتيح للصناعة والإدارة، والشعب المتخصصة في التعليم، ظلت تستخدم الفرنسية وحدَها، الأمر الذي يساهم في جعل معرفة هذه اللغة عاملا هاما في النجاح الاجتماعي»[18].
ج. اللغـة الأم:
لكل مغربي لغته الأم، وهي عبارة عن لهجة عربية أو أمازيغية، وتتميز هذه اللهجات بالتنوع والشفهية.
أ) اللهجـات العـربيـة:
لا تجسد اللهجات العربية المستعملة في المغرب، كما هو الحال في جميع الدول العربية، شكلا شعبيا أو شفهيا للعربية الكلاسيكية. فهي تتميز عن اللسان الفصيح من جوانب عديدة تتمثل في النحو والمعجم بالخصوص.
توجد في المغرب لهجات عربية حضرية ولهجات قروية أو بدوية متنوعة. وقد تطورت اللهجات الحضرية حول محاور سكنية كبرى كانت في الماضي مراكز للحكم المخزني، كفاس ومراكش والرباط. لكن رغم هذا التباين، فإن اللهجات العربية تسهل التواصل والتفاهم بين مختلف الشرائح الاجتماعية.
ب. اللهجات الأمازيغيـة:
أدت الفتوحات الإسلامية في القرن VIIIم إلى تعريب (لـَهْجي) للمناطق الحضرية بالمغرب فيما ظلت المناطق الجبلية، إلى أيامنا هذه، تتكلم الأمازيغية التي تختلف جذريا عن العربية – ضمن ما تختلف به – في كونها شفهية أساسا ولا تستفيد من أي كتابة، وإن كان البعض يحاول خلق متن كتابي خاص بها.
وتتوزع اللهجات الأمازيغية في المغرب على النحو التالي: التشلحيت في الجنوب (الأطلس الكبير)، والتامزيغت في الأطلس المتوسط، والتريفيت في الريف[19].
أطروحـة علال الفاسـي:
يبدأ علال الفاسي بإحصاء مجموع الفسيفساء المدرسية التي أنشأتها الحماية، من مدارس فرنسية عربية، ومدارس فرنسية بربرية، ومدارس خاصة بأبناء الأعيان…، ثم يسجل ظاهرة الغياب شبه التام للغة العربية في جميع المؤسسات التعليمية باستثناء المدارس القرآنية والجامعة الإسلامية التقليدية، بسبب هيمنة اللغات الأوربية التي تحظى بوضع اعتباري يجعلها لغات للتعليم.
في البداية، يعرب علال الفاسي عن تحفظاته على هذا الوضع ويبدي استنكاره لتهميش اللغة العربية بصدد نقطتين:
– الأولى عملية، تتمثل في كون تلاميذ المدارس القرآنية لا يتوفرون على أي إمكانية لمتابعة دراساتهم الثانوية بسبب جهلهم اللغة الفرنسية.
– الثانية ثقافية، وتتضح في الاستلاب الذي يمكن أن يقع ضحيته التلاميذ المغاربة الذين يتلقون دراساتهم كليا باللغة الفرنسية[20].
عموما، لا يعتبر علال الفاسي تنوع اللغات في نظام دراسي ما أمرا مُضرّا بمستقبل التلاميذ فحسب، بل ويعتبره مضرا أيضا – بل وأساسا – بمستقبل الثقافة الوطنية. ويعزز فكرته بالإشارة إلى بعض بلدان المشرق العربي، دون أن يذكرها بالإسم، ملاحظا أن المواجهة والتداخل بين تيارات فكر شعوب أوروبا وأمريكا داخل تلك الدول ولَّدا في نهاية المطاف نخبة هجينة ينطوي تكوينها على الكثير من المغالطات التاريخية بالمقارنة مع راهنية بلدانها أو حضارتها الأصلية.
وهنا بالضبط يكمن أكثر المشاكل خطورة، ونعني به أن من شأن امتلاك هذه النخبة لجهاز الدولة أن يؤدي بالضرورة إلى نشأة توجه وطني ينطوي على مغالطات تاريخية، ويعيق كل إمكانية للتحكم في الرأي العام ومراقبته بكيفية متجانسة. ولتجنب مثل هذا الاحتمال، يؤكد علال الفاسي أن لغة التعليم بالمغرب يجب أن تكون واحدة ووحيدة، وهي اللغة العربية[21]، ثم يقفز فوق مسألة اللهجات البربرية لأسباب تاريخية وإيديولوجية وسياسية معروفة.
أكيد أن المشكل الذي يثيره علال الفاسي هنا يشكل نقطة مشتركة بين العديد من البلدان. ففي كل الأزمنة استعارت البلدان المستعمَرَة لغة المستعمِر والفاتح. وقد عاملت بعض الشعوب المستعمَرَة لغة المستعمِر بطريقتها الخاصة فاسحة بذلك المجال لولادة الاختلاف (لغات أوروبا اللاتينية الأصل). والمستعمرون الحديثون هم الآخرون يحملون لغتهم إلى أرجاء الأرض قاطبة (الفرنسية، الإسبانية، البرتغالية، الانجليزية، مثلا)، مما أفضى ببعض اللغات إلى أن تصير أكثر «عالمية» من لغات أخرى في المبادلات بين الدول (الانجليزية). إلا أن الهيمنة الموضوعية والملزمة التي تمارسها لغات التبادل الدولي، كالإنجليزية، لا يمكن أن تلغي مسألة اللغة الوطنية. وفي هذا الإطار، لا يسعنا سوى تسجيل راهنية موقف الأستاذ الفاسي وصدق تشبثه بالعربية لغة معبرة عن هوية الشعب المغربي في كفاحه ضد أنواع الاستلاب والتبعية.
تعرف جميع البلدان دائما مشكلة العلاقة بين اللغة الأم ولغة المدرسة، بين السَّنن الضيق المستعمل داخل العائلة والسنن المقنن أو العالِم الذي تنقله المؤسسة التعليمية[22]. لسنا في معرض مناقشة الحلول المقترحة لهذه المسألة، أو فحص المعطيات العلمية الخاصة بمسألة الازدواجية اللغوية أو الثلاثية اللغوية وما يترتب عنها من إيجابات وسلبيات على الأفراد والجماعات[23].
قد يستنتج البعض، على نحو ما حصل فعلا خلال السبعينيات والثمانينيات، أن أطروحة التعريب عند علال الفاسي ترتكز لا شعوريا على استيهام بابل. ذلك أنه يعتبر اللغة العربية واحدة وموحدة ومقدسة، الأمر الذي يسمح لها – في نظره دائما – أن تحل محل التعدد اللغوي الذي لم يعمل سوى على تعميق الغموض وسوء التفاهم بين فئات الشعب الواحد. والظاهر أن أطروحة التعريب عند علال الفاسي لا تعبر عن أي استيهام، وإنما هي حل سياسي ممكن، إن لم يكن ضروريا، للقضاء على الفوضى الذهنية والمعرفية التي تعاني منها جميع شرائح المجتمع المغربي بالمقارنة مع بلدان أخرى. فتركيا وإسرائيل واليابان، مثلا، كلها تستعمل لغاتها الوطنية على جميع المستويات مع أنها ليست لغات عالمية[24].
المسألـة الدينيــــة:
يرى علال الفاسي أن التعليم العلماني لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقوم في المغرب، لأنه يعود إلى حركة فكرية وتجربة تاريخية خاصة بالغرب، تتمثل في كون ابتزازات الكنيسة وتضامنها مع النظام القديم والرجعية شكلا الأسباب التي أتاحت ظهور الحركة العلمانية بما هي مشروع بديل.
إنه تحليل غريب، يستند – أو يبدو أنه يرتكز – للمرة الأولى على معطيات تاريخية. فقد عودنا علال الفاسي على شكل من التفكير يتجنب كل مرجعية تاريخية ويكتفي بدمج حشد من الأفكار الدينية. ويقدم العروي، في تحليله الإيديولوجي، تفسيرا معقولا لهذا التناقض، إذ يقول: «تحضر ظاهرة الوعي المزدوج عند علال الفاسي في كل مكان؛ فهو يدرس مجتمعه من خلال وعي ديني ونقدي وينتقد الغرب من خلال وعي ليبرالي؛ إذ ينكر عليه حتمية يؤكدها للآخر ويؤيد ديمومة إسلامية وفوق تاريخية يرفضها للمسيحية الغربية»[25].
ترتكز «الأصالة» المغربية على صيرورة تاريخية خاصة، وبذلك فهي تقتضي بالضرورة الإعلانَ عن الإسلام دينا رسميا للدولة وصيانته من كل ما يمكن أن يلحق به مسا. ولأجل ذلك، يجب على المدرسة أن تسهر على تربية الأجيال الناشئة بحسب مبادئ الميراث الروحي المشترك للأمة المغربية في مجموعها.
طبعا، يبدو أن علال الفاسي يغفل هنا ذكر تجاوزات إسلام رسمي[26]. يمكننا بدون تردد أن نفسر هذه المرافعة المتحمسة لصالح إنشاء مدرسة إسلامية على النحو التالي: يتعلق الأمر هنا بانتفاضة صادرة عن هيئة العلماء والأرستقراطية المحافظة. فلإحساسهما بالتهديد الذي تشكله عليهما الحداثة عبر ملاحقتها إياهما من كل الجوانب، تحصنتا داخل أسوار إسلام يحفظ مكتسباتهما ويصونها. بيد أن هذا التفسير الاجتماعي، رغم وجاهته من بعض النواحي، لا ينبغي أن يهمش التفسير التاريخي الذي لا يقل عنه وجاهة وأهمية.
لقد صدر النص – كما سبق أن أشرنا – في خضم الأزمة المغربية الفرنسية (1952)، وبذلك فهو يحمل بصماتها بالتأكيد. فطبيعته الهجَّاءة والمذهبية قد لا تكون سوى رد فعل تجاه تصلب موقف الحماية. يخامرنا الانطباع بأن الصَّدى يردد الصدى: كلما تصلبت سلطات الحماية ولجأت إلى القمع ترسخت أوتوماتيكيا مواقف متطرفة لدى الحركة الوطنية المغربية[27].
مبـدأ إجباريـة التعليـم:
يردد علال الفاسي الاعتراضات التي أثارتها «المذكرة حول المغرب» ضدَّ الإدارة الاستعمارية في موضوع التعليم: «يوجد في المغرب زهاء المليونين ونصف المليون من الأبناء في السن المدرسي، ولكن لا يتردد منهم على التعليم إلا ما يقارب المائة والخمسين ألفا على اختلاف المدارس وتعدد منهاجها»[28]. ويرى أن هذه الوضعية تجد تفسيرها في اختيار خاص بالحماية التي كانت ترى – حسب علال الفاسي دائما – في التعليم حظوة أو مُكافأة تُمنَحُ للأعيان من الآباء مقابل ما يقدمونه لها من دعم.
وبحسب هذا الاختيار وهذا الوضع، لا يُعتَبرُ التعليم مكسَبا من أجل الشعب بكامله، ومن ثمة يفرض المستقبل الثقافي للمغرب إجراء قلب كلي لهذه الوضعية من خلال فرض التعليم باعتباره مبدأ حيويا موحَّدا مجانيا وإجباريا للجميع، يفرضُ على الأغنياء والفقراء، على الذكور والإثات، على الحضريين والقرويين[29]. ولا يسع القارئ المهتم بفكر علال الفاسي إلا أن يسجل في هذا الإطار عمق تصوره الوطني لمسألة إجبارية التعليم والطابع التقدمي لاختياراته ومبادئه التي تقر أن مسؤولية الدولة العصرية تكمن في ضمان تعليم شامل ومجاني للشعب الذي يفترض فيها أن ترعى مصاله. إنه يؤكد بشفافية نحن في أمس الحاجة إليها اليوم: «إن الحكومة التي لا تعنى بالمعرفة، ولا تجعلها في متناول جميع الطبقات، ولا تحمل الجاهلين على أن يتعلموا لهي حكومة لا قيمة لها في الاعتداد العصري، ولا تستحق من المواطنين أي احترام أو تقدير»[30].
ومع ذلك، فهناك ملاحظة تفرض نفسَها وهي أن علال الفاسي يتأمل دائما مسألة التعليم تبعا لنقطتين أساسيتين: يحلل فعليا الوضعية الاستعمارية، ثم يقترح مخططا إجماليا لوضعية الاستقلال، وبذلك فهو يتوقع أن تكون الحكومة المضطلعة كليا بمبدإ إجبارية التعليم حكومة عصرية ووطنية بالضرورة. وبهذا الصدد، يقدم المؤلف أدلة قوية: فالتعليم الإجباري استحدثته الحضارة الحديثة التي فرضت نفسها مع النهضة الأوروبية، ووجدَ تعبيره الحقوقي والمؤسساتي مع الثورة الفرنسية، وهذا يرسي قطيعة مع العصر الوسيط المسيحي ويتطلب أن يكون للسلطة التي يمكن أن تحقق مبدأ التعليم الإجباري اختيارات عصرية. لكن ما العمل إذا علمنا أن علال الفاسي نفسه لا يختار على الإطلاق حداثة كلية عندما يُبعد التعليم اللائكي مثلا؟
يرد الفاسي على هذا الاعتراض بأن الإسلام، خلافا للمسيحية، يحث المسلمين على التعلم، ثم يسوق جملة من الأحاديث النبوية وأقوال الأئمة في الموضوع. وبما أن حجة السلطة النصية، في البنية الدلالية للحركة الإصلاحية، دليلُُ لا يُناقش فإن المؤلف يعتبر نفسه قد استوفى استدلاله، فينصرف إلى نقطة أخرى.
أما التعليم الإجباري، في نظره، فيجب أن يحترم تخطيطا يحقق عملية تعميم التعليم ودَمَقرَطته على امتداد عشرسنوات. ولأجل ذلك، يمكن تقسيم المغرب إلى عشر مناطق، بكل منها يوجد مائتا ألف طفل قابل للتمدرس. والإجبارية لن تتم دفعة واحدة في سائر الجهات، لأن الوضعية المالية والبيداغوجية لا تسمح بذلك. والحلّ الممكنُ هو فرضُ التعليم الإجباري سنة واحدة في منطقة ما، ثم الانتقال في السنة الموالية إلى منطقة أخرى… وهكذا ذواليك إلى أن يشمل الهدف جميع المناطق. طبعا، ينتج عن مثل هذا التخطيط تأخرُ المنطقة الأخيرة، بمدة عشر سنوات، عن الجهة الأولى.
يعرف علال الفاسي هذا الاعتراض ويتوقعه، فيرد بأن أي منظور آخر غير ممكن، وأنه ما لم يُوضع هذا التخطيط فسيظل الحال على ما هو عليه الآن وسيبقى هناك تفاوتُُ بين أطفال المنطقة الواحدة والحال أنه من الأفضل الحفاظ على التفاوت بين المناطق بدل الإبقاء عليه داخل الجهة الواحدة.
خلاصــــــة:
تتيح أطروحات علال الفاسي حول التربية استخلاص بعض الأفكار التي تقع في صلب اهتمامات الكتاب الحالي:
– إن التوفيقَ الممكن والضروري بين نقاء الإسلام (والأخلاق الممجَّدَة) والتربية من أجل عالم عصري، يقصي العلمانية؛ بتعبير آخر، يتطلب ذلك التوفيق إجراء تركيب بين الحداثة والتقليد؛
– مفهوم الهوية في علاقته بمسألتي الثبات والتحول.
– مفهوم الهوية والاختلاف على مستوى الخصوصيات؛
– تقوية الهوية داخل التقدم بوحدة اللغة وتماسك المناهج التربوية؛
يليق بنا الآن أن نرى كيف استلهمت مدرسة المغرب المستقـل هذه المبادئ وأن نلقي نظـرة نقديـة على مشاريع الإنجاز. وذلك ما سنتناوله في الدراسة التالية.
ترجمة: محمد أسليـم
————
هوامـش:
[1] Julien, Ch. -A., 1972, L’Afrique du Nord en marche: Nationalisme musulman et Souveraintés françaises, Paris, Julliard, p. 129.
[2] Berque, J., 1962, «Cà et là dans les débuts du réformisme religieux au Maghreb», in Etudes d’Orientalisme dédiées à la mémoire de Lévi-Provençal, Paris, Maisonnoeuve & Larose, p. 471.
[3] حول علال الفاسي، راجع:
– Balafrej, A., 1978, «Alal al-Fassi: héraut de l’indépendance marocaine», Encyclopédie Les Africains, vol. XII, p. 41-59.
[4] سنعتمد الطبعة الخامسة الصادرة بالرباط، عن دار الرسالـة، سنـة 1979. وتجدر الإشارة إلى أن أنور عبد الملك قد ترجم منتخبات من هذا الكتاب إلى اللغـة الفرنسية. راجع:
– Abdel-Malek, A., 1970, La pensée politique arabe contemporaine, Paris, Seuil, p. 143-148.
[5] Bernard, S., 1963, Le conflit franco-marocain: 1943-56, Bruxelles, Institut de Sociologie, Université de Bruxelles, T. 1, p. 93-120; p. 121-213.
[6] بهذا الصدد، راجع:
– Laroui, A., 1967, L’idéologie arabe contemporaine, Paris, Maspéro, p. 43-49; Khatibi, A., 1977, «Penser le Maghreb», in Les Temps Modernes, N° 375, p. 7-20; Axelos, K., 1965, «Problèmes et difficultés internes de la décolonisation», in De l’impérialisme à la décolonisation, Paris, Minuit, p. 321-325.
[7] الفاسي، ع.، 1979، النقد الذاتـي، م. س.، ص. 343.
[8] نفســه، ص. 344.
[9] نفســه، ص. 345.
[10] نجد هنا واحدة من العلامات المميزة للـ «سلفية»، أو «الحركة الإصلاحية» الإسلامية: نوعا من النكهة الطهرية التي ترخص لنا تحديدها [السلفية] باعتبارها إيديولوجية خارج التاريخ.
[11] في «المذكرة حول المغرب» التي حررتها أربع شخصيات مغربية، منها أ. بلافريج من حزب الاستقلال، ووجِّه إلى الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، يوم 11 دجنبر 1952، نقرأ: «لم يكن مصير التعليم مرموقا. فمنذ 1925، رُسمت السياسة الفرنسية في هذا المجال في كتاب مدرسي للسياسة الإسلامية يقول: ‘لا يجب أن يوزع التعليم ويُفرض وصفة واسعة الانتشار كالكينين [مادة شبه قلوية تستخرج من لحاء شجر الكينا وتستعمل دواء للحمى (م)]، ولكن يجب أن يقترح بجرعات صغيرة مثل جائزة أو تشريف محفوظ لأرستقراطية الأهالي’. والنتجية أنه من مجموع حوالي مليوني طفل في سن التمدرس، لايجد مقاعدهم في المدرسة سوى 7 أطفال بالمائة». بهذا الصدد، راجع:
– Balafrej, A. (et autres), 1953, «Mémorandum sur le Maroc», in La NEF, Cahier N° 2, p. 122-127.
[12] الفاسي، ع.، 1979، النقد الذاتي، م. س.، ص. 346. هل يتعلق الأمر بنقل حرفي لأفكار هاردي أم هو مجرد اتفاق صدفة بين رؤى علال الفاسي وهاردي؟ على كل حال، فإن تفكير علال الفاسي يظل تفكير أرستقراطي حضري مشرب بنزعة المحافظة التي تطبع طبقة انتمائه. لمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة، راجع:
– de la Bastide, H., 1964, «L’Islam dans le Maghreb contemporain», in Orient, N° 30, p. 29-35.
[13] يقترب الإلحاح على التربية الدينية، أحيانا، عند علال الفاسي من عدم التسامح. ويرى البعض في هذا الجانب علامات نزعة تبشيرية اضطهادية. في جميع الأحوال، إن إرادة التوحيد الديني هذه، تطرح مشكلة الأقليات الدينية. بخصوص الأقلية اليهودية المغربية، لم يتردد علال الفاسي، في غشت 1962، بصفته وزيرا للشؤون الإسلامية، في قول: «من يقول إنه مغربي فهو مسلم. واليهودي ‘المغربي’ ليس سوى ‘ذميا’. من الآن فصاعدا، لن ينال أي أجنبي الجنسية المغربية ما لم يعتنق الإسلام.». في هذا الموضوع، راجع:
– Malka, V., 1978, La mémoire des Juifs au Maroc, Paris, Etente, p. 52; La Voix des Communautés (Organe mensuel de la Fédération des Communautés Israëlites du Maroc), N° 15, mai-juin 1962. (Sur la rumeur des «conversions forcées»).
[14] نكتفي بالإشارة إلى:
– Landsheere, G. et V.de, 1976, Définir les objectifs de l’éducation, Paris, PUF.
[15] Grandguillaume, G., 1983, Arabisation et politique linguistique au Maghreb, Paris, Maisonneuve & Larose, p. 11.
[16] Ibid., p. 12.
[17] حول مختلف الأنظمة الاستعمارية الفرنسية، راجع:
– Agerson, Ch.-R., 1972, Politiques coloniales au Maghreb, Paris, P.U.F.; Deschamps, H., 1956, Les Méthodes et les Doctrines Coloniales de la France (du XVIème siècle à nos jours), Paris, Colin; 1967, L’Europe découvre l’Afrique, Paris, Roger-Levrault.
[18] Ibid., p. 12.
[19] حول اللغة الأمازيغية ومختلف اللهجات، راجع:
– Galand, L., 1960, «Les Berbères. Langue», in Encyclopédie de l’Islam (nouvelle édition), p. 1215-1220; Bousquet, G. -H., 1957,Les Berbères, PUF., Que sais-je?
[20] الفاسي، ع.، النقد الذاتي، م. س.، ص. 350.
[21] نفســه، ص. 351.
[22] Nadel, J., 1976, «Théories du langage, rôle du milieu et différences individuelles», Bulletin de Psychologie, Vol. XXIX, N° 1-3, p. 3-9.
[23] حول إشكالية الازدواجية اللغوية في المغرب، راجع:
– Moatassime, A., 1974, «Le ‘bilinguisme sauvage’: blocage linguistique. Sous développement et coopération hypothéquée. L’exemple maghrébin. Cas du Maroc», in Tiers Monde, T. XV, N° 59-60, p. 619-670.
[24] بهذا الصدد، راجع:
– Hagège, C., 1989, «Les langues humaines et la Différence», in Encyclopédie Philosophique Universelle, Vol. I, (L’Univers Philosophique), PUF, p. 1384-1390.
[25]Laroui, A., 1967, op. cit., p. 44.
[26] في هذا الصدد، يمكن الرجوع، على سبيل المثال، إلى:
– Djaït, H., 1988, La grande discorde, Paris, Gallimard; G. Grandguillaume, 1990, «Le langage de l’orientalisme», in Peuples -Méditerranéens, N° 50, Paris, Janvier – Mars, , p. 171-176.
(أو ترجمتهما العربية: جعيط، هـ.، 1991، الفتنة الكبرى، بيروت، دار الطليعة؛ غرانغيوم، ج.، «لغة الاستشراق»، ضمن لغة العلاج والنسيان؛ دراسات في ألف ليلة وليلة وقضية الآيات الشيطانية، ترجمة: أسليم، م.، 1996، مكناس، سندي للطباعة والنشر، ص. 113-122. ولأخذ فكرة إجمالية عن الكتاب الأول، انظر المراجعة التي خصصها له: الجروشي، ص. د.، 1991، «الفتنة الكبرى»، مجلة الاجتهاد، بيروت، دار الاجتهاد، ع. 13، ص. 205-220 [م]).
[27] Laroui, A., 1974, La crise des intellectuels arabes, Paris, Maspéro, p. 52.
[28] الفاسي، ع.، النقد الذاتي، م. س.، ص. 359.
[29] نفســه، ص. 359.
[30] نفســه، ص. 359-360.
الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الجمعة 14-09-2012 12:30 صباحا