Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the amnews domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
المصطفى شباك: التربية والحداثة: 03 – الإنسانية والتربية وفكر الأنوار. عن لا تجاوزية المدرسة العمومية – محمد أسليـم

المصطفى شباك: التربية والحداثة: 03 – الإنسانية والتربية وفكر الأنوار. عن لا تجاوزية المدرسة العمومية

1246 مشاهدة
المصطفى شباك: التربية والحداثة: 03 – الإنسانية والتربية وفكر الأنوار. عن لا تجاوزية المدرسة العمومية

«قبيل موت كانط بتسعة أيام، تلقى زيارة طبيبه. طاعنا في السن، مريضا، شبه أعمى، قام من أريكته ومكث واقفا، يرتعش من الوهن، يتمتم بكلمات غير مسموعة. فانتهى عائده الوفي إلى فهم أن المريض لن يستعيد سكونه ما لم يأخذ زائره مقعدا، وهو ما قام به؛

وآنذاك قبل كانط يد المساعدة المقدمة إليه. وعندما استعاد بعض قواه قال: لم يغادرني حسّ الإنسانية بعد. وبفعل الارتباك، كان سامعاه على وشك البكاء»
Panofsky, E. 1969, L’oeuvre d’art et ses significations, Paris, Gallimard, p. 29.

– I –

على ماذا تتأسس التربية؟ كيف يمكن منح معنى للفعل التربوي وبالتالي، استخلاص كل قوته؟
إذا كان من اللازم على كل مجموعة بشرية أن تبرر، لاعتبارات سوسيوثقافية خاصة، ضرورة الفعل التربوي، فهل يمكننا مع ذلك أن نضفي مشروعية على جميع الأشكال التي يمكن أن يأخذها هذا الفعل من تكييف ومَذهَبَة وترويض؟
لنسجل أن فلسفة التربية التي نتوسلها في إطار هذه الإشكالية الواسعة، تتميزُ سلفا عن المشروع المؤكد عليه غالبا في عدد من الكتب المدرسية، كما عن أنطولوجيا الأعمال والتصورات الموروثة من التقليد الفلسفي. لن نستدعي أفلاطون، وكانط وأراندت إلا إذا اقتضى ذلك واستوجبه سؤالٌ أو استدلالٌ أو موضوعة. ومع ذلك فإن هذا التوجه القصدي والانتقائي لمرجعياتنا لا يمكن أن يصلح ذريعة لتبرير المسلمة الوثوقية العتيقة التي ظلت تعمل على ترويجها بيداغوجيات الوصفات الجاهزة عندما تعتبر أن كل الممارسات التربوية تتأسَّس خارج كل سؤال أو قرار فلسفي. وهذا معناه أن، من وجهة نظر تقنوية، أنه لا يوجد أي تلازم ضروري أو مباشر بين كل شكل من أشكال التنظيم المؤسساتي للأفعال التربوية من جهة، والإشكالات الفلسفية الت يتفرزها أو تعمل على إنتاجها قضايا العصر أو منظومات الفك رالمحايثة لها من جهة أخرى.
لقد عمر هذا الاعتقاد طويلا وترسخ في العقليات، كما تترسخ جميع اليقينيات والمطلقات، وآن الأوان لدحضه. هل يجوز مثلا، إذا احتكمنا إلى صرامة المنطق ومعطيات التاريخ، أن نتمثل نشأة المدرسة العمومية ومبدأ التعليم الإجباري، المرتبط بها ارتباطا تصالبيا، خارج حداثة القرن الثامن عشر الاجتماعية والسياسية من ناحية، وفلسفة الأنوار التي تعتبر عصارتها الفكرية والروحية، من ناحية أخرى؟ الظاهر أن لهذه الفلسفة وتلك الحداثة، بشكل ضمني أو صريح، عميق الأثر على عصرنا وهمومنا وأحلامنا.
هكذا تعلمنا فلسفة الأنوار أن وظيفة المدرس، بالمعنى العصري، لا تكمن في تهذيب الأخلاق أو مَذهبة العقليات من أجل الدمج أو إعادة الدمج في رحى المجتمع السائد. ولا شك أن التصور الذي يرى في المدرسة مؤسسة لغسل الأدمغة وتدجين الأجسام تصور عتيق. ولا محالة أن تجاوزه لن يتم إلا إذا أدركنا تمام الإدراك أن مدرسة العصرَ الذي نحياه – أي عصر الحداثة – هي مدرسة عمومية تشتغل في ظل دولة القانون والمساواة وتكافؤ الفرص. إنها بمثابة الفضاء الروحي الذي سيمكن الفرد من تأسيس معنى الوجود وبنائه أيا كانت أصول هذا الفرد وانتماءاته.
على هذا الأساس كانت غاية التدريس والتمدرس هي العمل الدؤوب من أجل «التنوير» (كوندورصيه) حتى يصبح الفرد قادرا على التفكير بذاته، ومن ثمة، على إصدار أحكامه واختيار قيمه وممارسة حياته بكل حرية، ودون الاحتكام إلى أي سلطة خارج سلطة العقل (كانط). قد نجانب الصواب إذا نعتنا هذه الحرية بالفردانية والمثالية. فمن الأكيد أنها وليدة إرادة فردانية خاصة، إلا أنها تلتقي وتتقاطع مع إرادة الأفراد الآخرين من أجل تكوين «إرادة» عامة (روسو)، أو تأسيس «عالم مشترك» (حنا أراندت). ولضمان الاستمرار لهذا العالم المشترك وتلك الإرادة العامة، علينا أن نعمل بشكل مستمر على استحضار المبدأ المؤسّس والغاية النهائية التي نشأت المدرسة الحديثة على أسسهما. إنه التعميم العادل لمعارف مستنيرة من أجل تنوير العقول مهما اختلفت أصولها وتباينت انتماءاتها. الأمر الذي يسمح تدريجيا باستقلالية الذوات في التفكير وإصدار الأحكام وممارسة الأفعال من أجل بناء مشروع حياة مشتركة.

– II –

رغم القضايا «التقنية» التي تطرحها إحدى البيداغوجيات التي تطمح للعلمية (وهي إرادة تتخللها استيهاماتُُ وتوجهها الأوهام)، يمكن القول إن سائر الإشكاليات التي يثيرها الفعل التربوي في عصرنا هذا تعود إلى القرن XVIII. حقا، إن فكرة إنشاء المدرسة العمومية قد طرحت منذ العصر الإغريقي القديم، وبلوَيْنات تقتضي بذل مجهود لإيضاحها. كما نجد لدى بيزنطة والإسلام الكلاسيكي إحساسا من هذا القبيل، لكنه يفسَّر بأسباب تختص بها ديانات الكتب المقدسة. ذلك أن الغاية الوحيدة والنهائية كانت تتمثل في تكوين شخص مسيحي صالح أو شخص مُسلم متكيف تماما مع جماعة خاصة، ومن ثمة مندمجا كليا في إنسانية خاصة. بيد أن هذا هو ما يجادل فيه فكر الأنوار. إن هذا الإدماج في إنسانية خاصة هو، بالضبط، ما سيعيشه الفرد كأنه تطبيع سيجعل منه شخصا قاصرا إلى الأبد، أي غير قادر على الاستقلال ذاتيا، ومن ثم غير قادر على التفكير والفعل وإصدار الأحكام بـ نفسه.
بتعبير آخر، قبل عصر الأنوار لم يسبق أبدا أن قدِّمَت فكرة إحداث مدرسة عمومية للجميع ليكون في متناول كل كائن بشري – بصرف النظر عن ماهيته – أن يربي نفسه على الاستقلال الذاتي؛ بمعنى أن يشغل قدرته على التفكير والفعل وإصدار الأحكام بنفسه. إن هذا المشروع هو ما يشكل النقطة المركزية للتربية بمعناها وقوتها الحديثين.
وبذلك، نستخدم فكرة الإنسية، على نحو ما أشكَلها فكرُ الأنوار وبحثها، بمثابة نموذج في عملنا الحالي. والمقصود بالنموذج هنا فكرة مركزية وخط رابط تبعا لهماسنطرح قضايا ونحللها.. لا مجال عندنا، كما سبق أن ذكرنا، لزخرفة النص بترهات، معيدين بذلك إنتاج التلفيقية السائدة. لن نستدعي أبدا مؤلفين أو نصوصا ما لم تبـرِّر هذا الرجوعَ إشكاليةٌ مشتركة أو مضمونا مقتسما.
إزاء هذه الرؤية للشيء التربوي، من المسلم به التساؤلُ حولَ شروط إمكانية إنتاج خطاب فلسفي حول التربية. هل يوجد سبب كاف من شأنه أن يجعلَ الفعلَ التربوي إشكاليا ويستدعي، بالتالي، قصدَ الفيلسوف؟ ما معنى أن نربي؟ نربي تبعا لماذا ولأي غايات؟
يثيرُ فعلُ التربية إشكالية كلما يُطـرَحُ مثل هذه الأسئلة. مع ذلك، وعلى هامش كل مساءلة فلسفية، فإن هذا الفعل يبدو لنا واضحا بشكل تلقائي، ولايقبل أي نقاش، ذلك أنَّ كل شيء يشير إلى أن التربية والتربية الذاتية لدى الإنسان وُجدَتا في كل أنحاء المعمور وفي كافة العصور. بتعبير آخر، إن التربية تغطي الحضور البشري في كل أزمنته وأمكنته. قد يقال إن قابلية التربية لدى الإنسان تشكل جزءا لا يتجزأ من رموز الشرط البشري التي لاتقبل المحاكاة، والمتمثلة في المقدَّس، وقابلية الاجتماع المؤسساتي، والضحك، والتبادل الرمزي، والإيروتيكية، وحرية ممارسة إصدار الأحكام. وعليه، فإن كل مجموعة بشرية، وبصرف النظر عن ماهيتها وخصوصيتها، تجد نفسها ملزمة – في حدود ديمومتها التاريخية ومجالها الجغرافي ونظامها السياسي – برفع تحدي المؤسسة التربوية. قد يكون لدى الإنسان – كل إنسان – ميل أصلي إلى تربية الأطفال. لكن أي شيء يؤسِّس ما يجعل هذه التربية ضرورة بديهية؟ هل يرتد تبريـر هذه الضرورة إلى الطبيعة أم أنه يجد تفسيره في الثقافة؟ أي جانب في التربية يتلقاه بني الإنسان ويعيشونه باعتباره لزوما يُوجدُه كون الأطفال، في كل جماعة، يولدون، أي يجيؤون إلى العالم؟ تقول حنا أراندت: «يكمن جوهر التربية في الولادة، في كون كائنات بشرية تولد داخل العالم»[1]. ما الذي يُفسِّر كون هذه الولادة داخل العالم ترغِمُ البشرية على إنشاء مُؤسسة تسهَر على المواليد الجدد، أي «على أنسَنَة المواليد الجدد»، كما يقول كانط؟
تصب هذه الأسئلة في إشكالية أوسع هي: إذا كان الكائن البشري يختلف – ضمن ما يختلف به – عن الحيوان بـ التجربـة التربوية، فإنه يجب المضي أبعَد والتساؤل لماذا وكيف أمكن قيام هذه التجربة عند الإنسان دون الحيوان؟
تزخـر نصوص الأنثروبولوجيا الفلسفية (أرسطو، كانط، هيغـل، هيدغر، مِرْلو-بونتي، الخ…) بإحالات على عالم الحيوان ضمن منظور مُقارن. ومع ذلك يمكننا القول إن ما من تلقي فلسفي للتربية إلا ويبدأ تأمله انطلاقا من المسلمة التالية: «لا يقبل التربية إلا الإنسان.»، وبذلك فالتربية تفرض الإنسانية باعتبارها شرطا ضروريا للإمكانية. لكن، بأي إنسانية يتعلق الأمر على وجه التحديد؟
إذا سلمنا بأن الإنسانية هنا هي إنسانية خاصة تتأسس على فكرة أمة، وأرض ومجموعة لغوية ومجموعة من القيم، فإننا نقصي الذين لا يدخلون ضمن هذا النوع من الانتماء، ومن ثمة نبعد فكرة قابليتهم هم الآخرين للتربية. أما إذا انطلقنا من فكرة أن الإنسانية إنسانية واحدة وكونية، فإن قابلية الإنسان للتربية، عموما، تفرض فكرة قابلية كل إنسان للتربية بصرف النظر عن خصوصيته.
ذلك في نظرنا هو الخط الذي ينير النظرة الفلسفية الحديثة ويوجِّه نقاشاتها الراهنة حول قضية التربية باعتبارها ظاهرة عريقة. لنسجل مع ذلك أن التساؤلات المشتركة لا تفضي بالضرورة إلى أجوبة متطابقة. وهنا تكمن علامة – ضمن علامات أخرى – غنى الفكر وحريته اللذين يطبعان تاريخ التأمل الفلسفي. ووفاءً لهذه النفحة من الحرية التي تنعش الفلسفة، علينا أن نساهم في النقاش باستخدام فكرنا النقدي. ففي غياب الرؤية النقدية، لن نقف على الانحرافات التي تتضمنها فلسفة التربية عند أفلاطون، مثلا، كما قد لا نفهم أبدا كيف ظل فكر أفلاطون سجين هلينية مهووسة باستيهام الهمجي.
وبالفعل، فالفلسفة الإغريقية لا يخطر ببالها إقامة أي فصل بين التربيـة والبيداغوجية، بين تكوين الإنسان وتكوين المواطن. بتعبير آخر، إن ولوج الموَاطَنَة – الإغريقية في المثال الحالي – هو من تلقاء نفسه ولوجٌ للبشرية. غير أن السؤال التالي يطرح نفسه: أيهما يسبق الآخر الإنسانية أم المواطَنة؟
على سبيـل الإجابة، يمكن القول: إنَّ الأطفال المنحدرين من المواطنين الإغريق، أي الذين اكتسبوا المواطَنة ومن ثم حظيت إنسانيتهم بالاعتراف، أولئك الأطفال هم الذين يستفيدون من الحق في التربية. وحتى عندما يميز أرسطو بين الحيوانية والإنسانية، فإن هذه الأخيرة تظل في رأيه شيئا يتفرد به الإغريق. ونفهم أي مصير مشؤوم تخصُّ به الشعوب الأخرى[2].

– III –

الانشغال التربوي قديمُُ قِدم العالم، لكن هل ينبثق من ذاتيتنا الخاصة أم أنه ليس سوى إنتاج لمصيرنا المشترك مع الآخرين؟ بتعبير آخر هل الإنسان يتكلم ويمارس الأفعال ويحلم بالخصوص لأنه يتلقى تربية جَماعـة تحيطه بعنايتها وتنقل إليه ميراثها التقني والثقافي أم أنَّ ما من إنسان إلا وهو قادر بذاته، وخارج كل إكراه جماعي، على إصلاح نفسه ذاتيا وتحقيق إنسيانيته عن طريق التربية الذاتية.
لقد تجرأ ابن طفيل والسّهروردي وروسو علىطرح السؤال – كل طبعا لسبب محدَّد – فتخيلوا الجواب، بيد أن صعوبتهم الكبرى تكمن في الجانب الخيالي من محاولتهم صياغة جواب ملائم لا يتجاوز درجة الإخراج (mise en scène) البيداغوجي. ذلك أن العقبات والصعوبات التي توجه مسيرة وصيرورة أبطالهم لا تبدو لي منبثقة من التجارب الخاصة بهم. إنهم بالأحرى متخيَّلون من قِبَل المؤلف الذي يجهد نفسَه في جعلهم يتصرفون طبقا لأطروحاته وتصوراته. مما يحدو بنا إلى القول بأننا أمام إخراج روائي بارع. ولا غرابة إذا كان القرن الثامن عشر قد تفنن في إبداع ما يسمى بـ «أدب التكوين Bildungsroman».
في العمق، يبدو أن تجربة العزلة تقتل التربية بقطع صلة البطل بالأمومة والأبوة ثم – وهذا أمر طبيعي – مع كل شكل من التنظيم المؤسَّسِي والاجتماعي للتربية، والمدرسة بالخصوص. والحال أن الفكرة الحديثة التي توجه السجال حول التربية، تنطلق من معاينة سوسيولوجية وأنثروبولوجية يتعذر الاعتراض عليها، وهي أن القيمة الممنوحة لمؤسسة الأطفال (في إطار العائلة أو المدرسة) وثيقة الصلة بدرجة التطور التي بلغتها المؤسسات الاجتماعية الأخرى: الاقتصاد، والعدالة، والدين، والدولة…
هكذا، إذن، يتضح أن مبدأ إجبارية التمدرس غير قابل للتفكير خارج ظهور دولة الحق. وكذلك الأمر بالنسبة للمدرسة العمومية، وتكافؤ الفرص، وحق الشغل… ويبقى أن فكرة التداخل بين المؤسسة التربوية وباقي المؤسَّسَات الاجتماعية هو نتيجة تصور حديث ينقل طريقتنا في رؤية المدرسة، مثلا، من المستوى الإبستيمي إلى المستوى الأخلاقي، من الشأن البيداغوجي إلى الشأن السياسي. بدل التهييء لفكرة الإنسانية – وهي فكرة بدون شك ضرورية، لكنها مجردة – فإن التـربية تكوِّن للمواطنَة.
وإذن ما معنى أن يكون المرء مواطنا؟ وكيف تعتَبَر التربية من أجل المواطنة أمراممكنا؟
يمهد هذان السؤالان لعمق إشكالية عصرنا هذا. يفرض العيش الجماعي داخل مؤسَّسات عادلة[3] معرفة مجموعة من المعايير، والقواعد والقيم. لم يعد الأمر يدور بتاتا حول التساؤل مع أفلاطون حول شروط إمكانية تدريس الفضيلة، مثلا، وإنما صار بالأحرى يتعلق بمعرفة كيف يمكن لنظام تربوي ما أن يجعل من كائن قاصر في الأصل كائنا بالغا بلوغا تاما في نهاية مسار تربوي ما. بتعبير آخر، كيف نكوِّنُ الإنسان ليصير إنسانا باستعماله كل شيء للتعبير عن استقلاله الذاتي، أي عن قدرته على التفكير، والإحساس، والحكم والفعل بنفسه؟ إنه سؤال الأنوار الأساسي، في رأي كانط، كما أنه سؤالنا نحن أيضا. ونعرف من الآن فصاعدا أنَّ غدَنا القريب والبعيد، على السواء، سيكونان انطلاقا من نوع الإجابة المقدَّم، هنا والآن، لهذا السؤال. بهذا المعنى تعتبر إجبارية التمدرس واجبا مدنيا والدفاع عن المدرسة العمومية مسؤولية أخلاقية وسياسية على عاتق كل امرأة وكل رجل منشغل بإنسانيتنا الهشَّة والثمينة. لنتأمل لحظة في أحد نصوص كانط «المشرقة»: «يمكن لإنسان ما، في ما يخصه، أن يعلق امتلاك معرفة من المتعين عليه امتلاكها، لكن أن يتخلى عنها، سواء لنفسه أو له ولأحفاده، فذلك يسمى انتهاكا لحقوق الإنسانية المقدَّسة ودوسا لها بالأقـدام»[4].

ترجمة: محمد أسليـم

***

ببليوغرافيــــا
– Arendt, H.,
1996, «La crise de l’éducation», in La crise de la culture, Gallimard, Folio, p. 223-288.
– Arendt, H.,
1961, Conditions de l’homme moderne, Calmann-Lévy.
– Jandin, P.-Ph.,
1990, «Aristote: la difficile simplicité», in L’éducation: approches pholosophiques, P.U.F., p. 51-61.
– Kant, E.,
1981 (a), Réponse à la question qu’est-ce que «les Lumières»?, Gonthier, Méditations.
– Kant, E.,
1981 (b), Traité de pédagogie, Hachette.
– Kintzler, C.,
1984, Condorcet: l’instruction publique et la naissance du citoyen, Gallimard, Folio.
– Mendelssohn, M.,
1978, «Sur la question: que signifie «aufklنren», in Dix-huitième Siècle, N° 10, Spécial: «Qu’est-ce que les Lumières?», p. 21-26.
– Lefort, C.,
1986, «L’idée de paix et l’idée d’humanité», in Diogène, N° 135, p. 14-32.
– Ouzoulias, A.,
1990, «Platon ou l’éternel pédagogique», in L’éducation; approches philosophiques, op. cit, p. 19-49.
– Raulet, G.,
1978, «Us et abus des Lumières: Mendelssohn jugé par Kant», Les Etudes Philosophiques, N° 3, p. 297-313.
– Raulet, G.,
1979, «L’idée d’éducation dans les Lumières allemandes», Archives de Philosophie, N° 42, p. 421-437.
– Raulet, G.,
1995, Aufklنrung. Les Lumières allemandes, G.F. Flammarion.
– Ricoeur, P.,
1990, Soi-même comme un autre, Seuil.
– Starobinski, J.,
1979, 1789, Les emblèmes de la raison, Flammarion, Champs.
– Tocqueville, A. de.,
1973, De la démocratie en Amérique, Bordas.
————
هوامــــــش
[1] Arendt, H., 1996, p. 224.
[2] بخصوص أفلاطون راجع: Ouzoulias, A., 1990, pp. 19-49، وبخصوص أرسطو، راجع: Jandin, P.-Ph., 1990, pp. 51-61.
[3] Ricoeur, P., 1990.
[4] Kant, E., 1981 (a), p. 52.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الجمعة 14-09-2012 12:48 صباحا

الاخبار العاجلة