Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the all-in-one-wp-security-and-firewall domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
أشباه قصص – أريد أن تحبني!! – محمد أسليـم

أشباه قصص – أريد أن تحبني!!

1379 views
أشباه قصص – أريد أن تحبني!!

قبل بضعة أيام كنت في مقهى، فتصادف أن جلس حول مائدة غير بعيدة مني شابُّ وشابة، بعد أن ترجلا من دراجة نارية من النوع الكبير. هو يبدو أكبر سنا منها بحوالي عشرة أعوام، أهمل شعر رأسه إلى أن أصبح كشعر امرأة، لكنه حرص على ربطه من الخلف، يرتدي ملابس من النوع الذي يتهافت عليه شباب اليوم: سروال دجين يبدو شبه ممزق، قميص عبارة عن كرنفال من الألوان تتصدره رسومات… أما هي، فتركت رأسها قصير الشعر سافرا، كما لم تقصر في صبغ وجهها وطلائه بمساحيق، وتكحيل عينيها، وتلوين شفتيها بأحمر شفاه داكن، فضلا عن ارتداء تنورة قصيرة كشفت نصف الفخذين، وقميصا عرى جزءا من البطن والذراعين كاملين، وحذاء رياضيا… يبدو أنها قامت بذلك كله لكي تبدو فتاة «عصرية»، ولكن انعدام انسجام واضح بين ألوان الملابس ونوعها فضح أصلها البدوي، فبدت كل شيء سوى أن تكون طالبة أو موظفة…
بعد الجلوس، طلب الاثنان مشروبين، ثم استغرقا في حديث حميمي، تخلله ضحك، وتشابك أصابع اليدين، وغنج ودلال ساق البنت غير ما مرة إلى اتخاذ كتف صاحبنا وسادا، وما إلى ذلك، مما لا يمكن أن يقع بين شاب وشابة إلا في حالتين:
أن يكونا قد انتهيا للتو من التحليق في الأجواء العليا، قاما بذلك في بيت الشاب ثم جاءا مباشرة إلى المقهى لمواصلة حديث الوسادة خارج غرفة النوم المغلقة، أو يكونا بصدد اجتياز الطقوس الممهدة للغطس والتحليق: فور مغادرتهما للمقهى سيتجهان إلى البيت لقضاء الغرض… كل شيء يوحي بأن الشاب ابن أحد أثرياء المدينة، وله كل مؤهلات التعامل مع البنات بقاعدة «خير البر عاجله»! لا وقت له كي يصرفه في مفاوضات قد تستغرق أياما أو أسابيع لاستدراج «غودو» قد يأتي وقد لا يأتي…
واصل الشابان جلستهما الحميمية، وإذا بما لا يمكن أن يخطر على بال كل من رآهما على تلك الحال يقع. قالت الفتاة:
– أنا بغيتك تبغيني! بغيت غير تبغيني ( = أريد أن تحبني، فقط أن تحبني)!
أمام مراوغات الشاب، كررت الفتاة العبارة نفسها، وهي مُسَمِّرة عينيها في عينيه بالجسارة التي لا تصدر عن المرأة إلا «لحاجة في نفس مريم»..
لم أتمكن من سماع جوابه عن الطلب الملحاح. فجأة، قام، اتجه صوب دراجته النارية، امتطاها، شغل محركها، ثم انطلق بها وهي تزمجر كوحش. أما البنت، فدست وجهها وسط كفيها، ثم انخرطت في نوبة من البكاء. من حين لآخر، كانت ترفع وجهها، ثم تمسح الدمع بكفيها وتطيل النظر فيهما…
حول مائدة قريبة من مائدتها الباكية، كان شاب وشابة جالسين اتضح أنهما كانا على موعد معها بدون علم صاحبها الذي غادر المقهى قبل قليل. فجأة، التحقت بهما، تبادل الثلاثة بضع كلمات، ثم قاموا وغادروا المقهى… مشت البنت بجانبهما مشية الواثقة من نفسها، العازمة على القيام بشيء ما، لا يبدو عليها أي انكسار، بل بدت أساريرها مبتهجة كأن ما جرى لها قبل قليل لم يحدث على الإطلاق!
قلتُ: واحد من اثنين: إما نصَّابَة وقعت في يد نصَّاب أو «بوجادية» (مبتدئة، عديمة الخبرة) وقعت في يد «قافز»(شاطر،خبير) «حاضي راسو»:
طلبُ البنت في ظاهره بسيطٌ للغاية: «كل ما أريده منك هو أن تحبني»؛ «أريد فقط أن تحبني»، ولكنه يخفي ثقلا لا يستهين بصعوبته إلا مغفل أو بليد، إذ بعد هذا «الحب فردا لفرد»، سيظهر الأب، والأم، والإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والجيران والصديقات، والحي، والمجتمع… كل بطلباته ورغباته، وأوامره ونواهيه. وقبل ذلك كله وبعده، سيتعين إيجاد شقة سكنية، والفراش، والأثاث، ولوازم المطبخ، ثم سيكون الحمل والولادة، ووجوب توفير الحليب، وملابس المولود، والحفاظات، والعربة، واللعب، والطبيب، والمحفظة والمدرسة، وعبوة الغاز، وتسديد فاتورة الماء والكهرباء، وما إلى ذلك، وسيكون من باب المعجزات أن تكتفي المرأة بمولود واحد: ستنجب ثلاثة، أو خمسة، أو حتى سبعة أبناء، كما تفعل الزوجة من هذا النوع من النساء عادة!!! عملا بالمثل الشعبي القائل «المراة بلا اولاد بحال الخيمة بلا اوتاد» (المرأة بدون أولاد كالخيمة بدون أوتاد).

Breaking News